{الْعَزِيزُ الْحَكِيمُ} [المائدة: 118]- قَالَ - فَيُقَالُ: إِنَّكَ لَا تَدْرِي مَا أَحْدَثُوا بَعْدَكَ، إِنَّهُمْ لَمْ يَزَالُوا مُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ مُنْذُ فَارَقْتَهُمْ».
فَإِنْ كَانَ الْمُرَادُ بِالصَّحَابَةِ الْأُمَّةَ، فَالْحَدِيثُ مُوَافِقٌ لِمَا قَبْلَهُ:
«بَلْ أَنْتُمْ أَصْحَابِي وَإِخْوَانُنَا الَّذِينَ لَمْ يَأْتُوا بَعْدُ» فَلَابُدَّ مِنْ تَأْوِيلِهِ عَلَى أَنَّ الْأَصْحَابَ يَعْنِي بِهِمْ مَنْ آمَنَ بِي فِي حَيَاتِهِ وَإِنْ لَمْ يَرَهُ، وَيَصْدُقُ لَفْظُ الْمُرْتَدِّينَ عَلَى أَعْقَابِهِمْ بَعْدَ مَوْتِهِ، أَوْ مَانِعِي الزَّكَاةِ تَأْوِيلًا عَلَى أَنَّ أَخْذَهَا إِنَّمَا كَانَ لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَحْدَهُ، فَإِنَّ عَامَّةَ أَصْحَابِهِ الَّذِينَ رَأَوْهُ وَأَخَذُوا عَنْهُ بَرَاءَةٌ مِنْ ذَلِكَ.
الْمَسْأَلَةُ السَّابِعَةُ فِي تَعْيِينِ هَذِهِ الْفِرَقِ
وَهِيَ مَسْأَلَةٌ - كَمَا قَالَ الطَّرْطُوشِيُّ - طَاشَتْ فِيهَا أَحْلَامُ الْخَلْقِ، فَكَثِيرٌ مِمَّنْ تَقَدَّمَ وَتَأَخَّرَ مِنَ الْعُلَمَاءِ عَيَّنُوهَا، لَكِنْ فِي الطَّوَائِفِ الَّتِي خَالَفَتْ فِي مَسَائِلِ الْعَقَائِدِ فَمِنْهُمْ مَنْ عَدَّ أُصُولَهَا ثَمَانِيَةً، فَقَالَ: كِبَارُ الْفِرَقِ الْإِسْلَامِيَّةِ ثَمَانِيَةٌ: (1) الْمُعْتَزِلَةُ وَ (2) الشِّيعَةُ، وَ (3) الْخَوَارِجُ، وَ (4) الْمُرْجِئَةُ، وَ (5) النَّجَّارِيَّةُ، وَ (6) الْجَبْرِيَّةُ وَ (7) الْمُشَبِّهَةُ، وَ (8) النَّاجِيَةُ.
فَأَمَّا الْمُعْتَزِلَةُ فَافْتَرَقُوا إِلَى عِشْرِينَ فِرْقَةً وَهُمُ: الْوَاصِلِيَّةُ،