مِنْ قَبِيلِ الْبِدَعِ الَّتِي أَنْكَرَهَا السَّلَفُ الصَّالِحُ ـ كَزَخْرَفَةِ الْمَسَاجِدِ وَالتَّثْوِيبِ بِالصَّلَاةِ ـ وَهُوَ مِنْ قَبِيلِ مَا يُلَائِمُ.
وَأَمَّا كَوْنُهَا فِي الضَّرُورِيِّ مِنْ قَبِيلِ الْوَسَائِلِ وَمَا لَا يَتِمُّ الْوَاجِبُ إِلَّا بِهِ:
إِنْ نُصَّ عَلَى اشْتِرَاطِهِ، فَهُوَ شَرْطٌ شَرْعِيٌّ فَلَا مَدْخَلَ لَهُ فِي هَذَا الْبَابِ، لِأَنَّ نَصَّ الشَّارِعِ فِيهِ قَدْ كَفَانَا مُؤْنَةَ النَّظَرِ فِيهِ.
وَإِنْ لَمْ يُنَصَّ عَلَى اشْتِرَاطِهِ فَهُوَ إِمَّا عَقْلِيٌّ أَوْ عَادِيٌّ، فَلَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ شَرْعِيًّا، كَمَا أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ عَلَى كَيْفِيَّةٍ مَعْلُومَةٍ، فَإِنَّا لَوْ فَرَضْنَا حِفْظَ الْقُرْآنِ وَالْعِلْمَ بِغَيْرِ كَتْبٍ عَادِيًّا مُطَّرِدًا؛ لَصَحَّ ذَلِكَ، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَصَالِحِ الضَّرُورِيَّةِ يَصِحُّ لَنَا حِفْظُهَا، كَمَا أَنَّا لَوْ فَرَضْنَا حُصُولَ مَصْلَحَةِ الْإِمَامَةِ الْكُبْرَى بِغَيْرِ إِمَامٍ عَلَى تَقْدِيرِ عَدَمِ النَّصِّ بِهَا لَصَحَّ ذَلِكَ،، وَكَذَلِكَ سَائِرُ الْمَصَالِحِ الضَّرُورِيَّةِ ـ إِذَا ثَبَتَ هَذَا ـ لَمْ يَصِحَّ أَنْ يُسْتَنْبَطَ مِنْ بَابِهَا شَيْءٌ مِنَ الْمَقَاصِدِ الدِّينِيَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِوَسَائِلَ.
وَأَمَّا كَوْنُهَا فِي الْحَاجِيِّ مِنْ بَابِ التَّخْفِيفِ فَظَاهِرٌ أَيْضًا، وَهُوَ أَقْوَى فِي الدَّلِيلِ الرَّافِعِ لِلْحَرَجِ، فَلَيْسَ فِيهِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَشْدِيدٍ وَلَا زِيَادَةِ تَكْلِيفٍ، وَالْأَمْثِلَةُ مُبَيِّنَةٌ لِهَذَا الْأَصْلِ أَيْضًا.
إِذَا تَقَرَّرَتْ هَذِهِ الشُّرُوطُ عُلِمَ أَنَّ الْبِدَعَ كَالْمُضَادَّةِ لِلْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ:
لِأَنَّ مَوْضُوعَ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ مَا عُقِلَ مَعْنَاهُ عَلَى التَّفْصِيلِ، وَالتَّعَبُّدَاتُ مِنْ حَقِيقَتِهَا أَنْ لَا يُعْقَلَ مَعْنَاهَا عَلَى التَّفْصِيلِ.
وَقَدْ مَرَّ أَنَّ الْعَادَاتِ إِذَا دَخَلَ فِيهَا الِابْتِدَاعُ فَإِنَّمَا يَدْخُلُهَا مِنْ جِهَةٍ مَا