وَإِذَا قُلْنَا: إِنَّ مِنَ الْبِدَعِ مَا يَكُونُ صَغِيرَةً، فَذَلِكَ بِشُرُوطٍ:
أَحَدُهَا: أَنْ لَا يُدَاوِمَ عَلَيْهَا، فَإِنَّ الصَّغِيرَةَ مِنَ الْمَعَاصِي لِمَنْ دَاوَمَ عَلَيْهَا تَكْبُرُ بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِ، لِأَنَّ ذَلِكَ نَاشِئٌ عَنِ الْإِصْرَارِ عَلَيْهَا، وَالْإِصْرَارُ عَلَى الصَّغِيرَةِ يُصَيِّرُهَا كَبِيرَةً، وَلِذَلِكَ قَالُوا: " لَا صَغِيرَةَ مَعَ إِصْرَارٍ، وَلَا كَبِيرَةَ مَعَ اسْتِغْفَارٍ " فَكَذَلِكَ الْبِدْعَةُ مِنْ غَيْرِ فَرْقٍ، إِلَّا أَنَّ الْمَعَاصِيَ مِنْ شَأْنِهَا فِي الْوَاقِعِ أَنَّهَا قَدْ يُصِرُّ عَلَيْهَا، وَقَدْ لَا يُصِرُّ عَلَيْهَا، وَعَلَى ذَلِكَ يَنْبَنِي طَرْحُ الشَّهَادَةِ وَسُخْطَةُ الشَّاهِدِ بِهَا أَوْ عَدَمُهُ، بِخِلَافِ الْبِدْعَةِ فَإِنَّ شَأْنَهَا فِي الْمُدَاوَمَةِ وَالْحِرْصِ عَلَى أَنْ لَا تُزَالَ مِنْ مَوْضِعِهَا وَأَنْ تَقُومَ عَلَى تَارِكِهَا الْقِيَامَةُ، وَتَنْطَلِقَ عَلَيْهِ أَلْسِنَةُ الْمَلَامَةِ، وَيُرْمَى بِالتَّسْفِيهِ وَالتَّجْهِيلِ، وَيُنْبَزُ بِالتَّبْدِيعِ وَالتَّضْلِيلِ، ضِدَّ مَا كَانَ عَلَيْهِ سَلَفُ هَذِهِ