أَجْرَانِ» " وَإِنْ خَرَجَ مُتَعَمِّدًا; فَلَيْسَ عَلَى أَنْ يَجْعَلَ خُرُوجَهُ طَرِيقًا مَسْلُوكًا لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ، وَشَرْعًا يُدَانُ بِهِ.
عَلَى أَنَّهُ إِذَا وَقَعَ الذَّنْبُ مَوْقِعَ الِاقْتِدَاءِ قَدْ يُسَمَّى اسْتِنَانًا فَيُعَامَلُ مُعَامَلَةُ مَنْ سَنَّهُ كَمَا جَاءَ فِي الْحَدِيثِ: «مَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً، كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا». . . . الْحَدِيثَ، وَقَوْلُهُ عَلَيْهِ السَّلَامُ: «مَا مِنْ نَفْسٍ تُقْتَلُ ظُلْمًا إِلَّا كَانَ عَلَى ابْنِ آدَمَ الْأَوَّلِ كِفْلٌ مِنْهَا، لِأَنَّهُ أَوَّلُ مَنْ سَنَّ الْقَتْلَ»، فَسُمِّيَ الْقَتْلُ سُنَّةً بِالنِّسْبَةِ إِلَى مَنْ عَمِلَ بِهِ عَمَلًا يُقْتَدَى بِهِ فِيهِ، لَكِنَّهُ لَا يُسَمَّى بِدْعَةً; لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ عَلَى أَنْ يَكُونَ تَشْرِيعًا، وَلَا يُسَمَّى ضَلَالًا; لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي طَرِيقِ الْمَشْرُوعِ أَوْ فِي مُضَاهَاتِهِ لَهُ.
وَهَذَا تَقْرِيرٌ وَاضِحٌ يَشْهَدُ لَهُ الْوَاقِعُ فِي تَسْمِيَةِ الْبِدَعِ ضَلَالَاتٍ، وَيَشْهَدُ لَهُ أَيْضًا أَحْوَالُ مَنْ تَقَدَّمَ قَبْلَ الْإِسْلَامِ، وَفِي زَمَانِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ:
فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى قَالَ: {وَإِذَا قِيلَ لَهُمْ أَنْفِقُوا مِمَّا رَزَقَكُمُ اللَّهُ قَالَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِلَّذِينَ آمَنُوا أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس: 47].
فَإِنَّ الْكُفَّارَ لَمَّا أُمِرُوا بِالْإِنْفَاقِ، شَحُّوا عَلَى أَمْوَالِهِمْ، وَأَرَادُوا أَنْ يَجْعَلُوا لِذَلِكَ الشُّحِّ مَخْرَجًا، فَقَالُوا: {أَنُطْعِمُ مَنْ لَوْ يَشَاءُ اللَّهُ أَطْعَمَهُ} [يس: 47]؟) وَمَعْلُومٌ أَنَّ اللَّهَ لَوْ شَاءَ لَمْ يُحْوِجْ أَحَدًا إِلَى أَحَدٍ، لَكِنَّهُ ابْتَلَى عِبَادَهُ لِيَنْظُرَ كَيْفَ