فَتَوَجَّعَ وَاسْتَرْجَعَ، ثُمَّ قَالَ: " قَوْمٌ أَرَادُوا وَجْهًا مِنَ الْخَيْرِ فَلَمْ يُصِيبُوهُ ".

فَقِيلَ لَهُ: يَا أَبَا مُحَمَّدٍ! أَفَيُرْجَى لَهُمْ مَعَ ذَلِكَ لِسَعْيِهِمْ ثَوَابٌ؟

قَالَ: " لَيْسَ فِي خِلَافِ السُّنَّةِ رَجَاءُ ثَوَابٍ ".

[صَاحِبُ الْبِدْعَةِ تُنْزَعُ مِنْهُ الْعِصْمَةُ وَيُوكَلُ إِلَى نَفْسِهِ]

وَأَمَّا أَنَّ صَاحِبَ الْبِدْعَةِ تُنْزَعُ مِنْهُ الْعِصْمَةُ وَيُوكَلُ إِلَى نَفْسِهِ:

فَقَدْ تَقَدَّمَ نَقْلُهُ، وَمَعْنَاهُ ظَاهِرٌ جِدًّا:

فَإِنَّ اللَّهَ تَعَالَى بَعَثَ إِلَيْنَا مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ حَسْبَمَا أَخْبَرَ فِي كِتَابِهِ، وَقَدْ كُنَّا قَبْلَ طُلُوعِ ذَلِكَ النُّورِ الْأَعْظَمِ لَا نَهْتَدِي سَبِيلًا، وَلَا نَعْرِفُ مِنْ مَصَالِحِنَا الدُّنْيَوِيَّةِ إِلَّا قَلِيلًا عَلَى غَيْرِ كَمَالٍ، وَلَا مِنْ مَصَالِحِنَا الْأُخْرَوِيَّةِ قَلِيلًا وَلَا كَثِيرًا، بَلْ كَانَ كُلُّ أَحَدٍ يَرْكَبُ هَوَاهُ وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَا فِيهِ، وَيَطْرَحُ هَوَى غَيْرِهِ فَلَا يَلْتَفِتُ إِلَيْهِ.

فَلَا يَزَالُ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ وَالْفَسَادُ فِيهِمْ يَخُصُّ وَيَعُمُّ حَتَّى بَعَثَ اللَّهُ نَبِيَّهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، لِزَوَالِ الرَّيْبِ وَالِالْتِبَاسِ، وَارْتِفَاعِ الْخِلَافِ الْوَاقِعِ بَيْنَ النَّاسِ:

كَمَا قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} [البقرة: 213] إِلَى قَوْلِهِ: {فَهَدَى اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا لِمَا اخْتَلَفُوا فِيهِ مِنَ الْحَقِّ بِإِذْنِهِ} [البقرة: 213].

وَقَوْلِهِ: {كَانَ النَّاسُ أُمَّةً وَاحِدَةً فَبَعَثَ اللَّهُ النَّبِيِّينَ} [البقرة: 213].

{وَمَا كَانَ النَّاسُ إِلَّا أُمَّةً وَاحِدَةً فَاخْتَلَفُوا} [يونس: 19].

طور بواسطة نورين ميديا © 2015