وَالثَّالِثُ: أَن يَعْمَلَ بِهَا الْجَاهِلُ مَعَ سُكُوتِ الْعَالِمِ عَنِ الإِنكار، وَهُوَ قَادِرٌ عَلَيْهِ، فَيَفْهَمَ الْجَاهِلُ أَنها لَيْسَتْ بِمُخَالَفَةٍ.
وَالرَّابِعُ: مِنْ بَابِ الذرائع، وهو (?): أَن يَكُونَ الْعَمَلُ فِي أَصله مَعْرُوفًا، إِلا أَنه يَتَبَدَّلُ الِاعْتِقَادُ فِيهِ مَعَ طُولِ الْعَهْدِ بِالذِّكْرَى (?).
إِلا أَن هَذِهِ الأَقسام لَيْسَتْ عَلَى وزانٍ واحدٍ، وَلَا يَقَعُ اسْمُ الْبِدْعَةِ عَلَيْهَا بِالتَّوَاطُؤِ، بَلْ هِيَ فِي القُرب وَالْبُعْدِ عَلَى تَفَاوُتٍ:
فالأَول: هُوَ الْحَقِيقُ بِاسْمِ الْبِدْعَةِ، فإِنها تؤخذ عنه (?) بِالنَّصِّ عَلَيْهَا.
وَيَلِيهِ الْقِسْمُ الثَّانِي: فإِن الْعَمَلَ يشبه (?) التَّنْصِيصُ بِالْقَوْلِ، بَلْ قَدْ يَكُونُ أَبلغ مِنْهُ فِي مَوَاضِعَ ـ كَمَا تبَّين فِي الأُصول ـ، غَيْرَ أَنه لا يتنزَّل (?) هاهنا من كل وجه منزلته؛ بدليل (?): أَن العالِمَ قَدْ يَعْمَلُ وَيَنُصُّ عَلَى قُبح عَمَلِهِ، وَلِذَلِكَ قَالُوا (?): لَا تَنْظُرْ إِلى عَمَلِ الْعَالِمِ، وَلَكِنْ سَلْهُ يَصْدُقْكَ، وَقَالَ الْخَلِيلُ بْنُ أَحمد أَو غَيْرُهُ:
اعْمَلْ بعِلْمِي وَلَا تَنْظُر إِلى عَمَلِي ... يَنْفَعْكَ عِلْمِي وَلا يَضْرُرْكَ (?) تَقْصِيرِي (?)