وَالْكَلَامُ فِي ذَمِّ الْجِدَالِ (?) كَثِيرٌ، فإِذا كَانَ مَذْمُومًا؛ فَمَنْ جَعَلَهُ مَحْمُودًا وعَدَّه (?) مِنَ الْعُلُومِ النَّافِعَةِ بإِطلاق فَقَدِ ابْتَدَعَ فِي الدِّينِ. وَلَمَّا كَانَ اتباعُ الْهَوَى أَصلَ الِابْتِدَاعِ؛ لَمْ يُعْدَم صاحبُ الْجِدَالِ أَن يماريَ ويطلبَ الغَلَبة، وَذَلِكَ مَظِنَّة رَفْعِ الأَصوات.

فإِن قِيلَ: عددتَ رَفْعَ الأَصوات من فروع الجدل وخواصِّه، وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَرَفْعُ الأَصوات قَدْ يَكُونُ في العلم، ولذلك كُرِه رفع الصوت (?) فِي الْمَسْجِدِ (?)، وإِن كَانَ فِي الْعِلْمِ أَو فِي غَيْرِ الْعِلْمِ.

قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي "الْمَبْسُوطِ": رأَيت مَالِكًا يَعِيبُ عَلَى أَصحابه رَفْعَ (?) أَصواتهم فِي الْمَسْجِدِ (?).

وَعَلَّلَ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ مسلمة بعلَّتين:

إِحداهما: أَنه يجب أَن يُنَزَّهَ الْمَسْجِدَ عَنْ مِثْلِ هَذَا؛ لأَنه مما أُمر بِتَعْظِيمِهِ وَتَوْقِيرِهِ.

وَالثَّانِيَةُ: أَنه مبنيٌّ لِلصَّلَاةِ، وقد أُمرنا أَن نأَتيها وعلينا السكينة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015