وقع الهَرْجُ (?)، وفسد النظام، فيضطرون إِلى الرجوع (?) إِلى مَنِ انْتَصَبَ لَهُمْ مَنْصِبَ الْهِدَايَةِ، وَهُوَ الَّذِي يُسَمُّونَهُ عَالِمًا، فَلَا بُدَّ أَن يَحْمِلَهُمْ عَلَى رأْيه فِي الدِّينِ، لأَن الْفَرْضَ أَنه جَاهِلٌ، فيُضِلّهم عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ؛ كَمَا أَنَّهُ ضَالٌّ (?) عَنْهُ، وَهَذَا عَيْنُ الِابْتِدَاعِ؛ لأَنه التَّشْرِيعُ بِغَيْرِ (?) أَصلٍ مِنْ كِتَابٍ وَلَا سُنَّةٍ. وَدَلَّ هَذَا الْحَدِيثُ عَلَى أَنه لَا يُؤتى الناسُ قَطّ مِنْ قِبل (?) عُلَمَائِهِمْ (?)؛ وإِنما يؤتَون مِنْ قِبَلِ أَنه إِذا مَاتَ عُلَمَاؤُهُمْ؛ أَفتى مَنْ لَيْسَ بِعَالَمٍ، فَيُؤْتَى (?) النَّاسُ مَنْ قِبَلِهِ؛ وسيأْتي (?) لِهَذَا الْمَعْنَى بَسْطٌ أَوسع مِنْ هَذَا إِن شاءَ اللَّهُ.
وأَما الشحُّ: فإِنه مُقَدِّمَةٌ لِبِدْعَةِ الِاحْتِيَالِ عَلَى تَحْلِيلِ الْحَرَامِ؛ وَذَلِكَ أَن النَّاسَ يشحُّون بأَموالهم، فَلَا يَسْمَحُونَ بِتَصْرِيفِهَا فِي مَكَارِمِ الأَخلاق، وَمَحَاسِنِ الشِّيَم؛ كالإِحسان بِالصَّدَقَاتِ، والهِبَات، والمُواساة، والإِيثار عَلَى النَّفْسِ، وَيَلِيهِ أَنواع الْقَرْضِ الْجَائِزِ، ويليه التجاوز في المعاملات بإِنظار المعسر، أو بالإِسقاط (?)؛ كما قال تعالى (?): {وَأَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ} (?)؛ وَهَذَا كَانَ شأْن مَنْ تَقَدَّمَ مِنَ السَّلَفِ الصَّالِحِ، ثُمَّ نَقَصَ الإِحسان بِالْوُجُوهِ الأُوَل؛ فَتَسَامَحَ النَّاسُ بِالْقَرْضِ، ثُمَّ نَقَصَ (?) ذَلِكَ؛ حَتَّى صَارَ الْمُوسِرُ لَا يَسْمَحُ بِمَا فِي يَدَيْهِ، فَيُضْطَرُّ المعسر