عَلَيْهِ السَّلَفُ: فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْبِدْعَةَ لَا تُتَصوّر هُنَا، وَذَلِكَ صَحِيحٌ (?)؛ فإِن تَكَلَّفَ أَحد فِيهَا ذَلِكَ فَيَبْعُدُ جِدًّا، وَذَلِكَ بِفَرْضِ أَن يُعْتَقَدَ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ أَنه مِمَّا يَطلب بِهِ الأَئمةُ عَلَى الْخُصُوصِ تَشْرِيعًا خَارِجًا عَنْ قَبِيلِ الْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، بِحَيْثُ يُعَدّ مِنَ الدِّينِ الَّذِي يَدِينُ بِهِ هؤلاءِ الْمَطْلُوبُونَ بِهِ، أَو يَكُونُ ذَلِكَ مِمَّا يُعَدُّ خَاصًّا بالأَئمة دُونَ غَيْرِهِمْ، كَمَا يَزْعُمُ بَعْضُهُمْ أَن خَاتَمَ الذَّهَبِ جَائِزٌ لِذَوِي (?) السُّلْطَانِ، أَو يَقُولُ: إِن الْحَرِيرَ جَائِزٌ لَهُمْ لُبْسُهُ دُونَ غَيْرِهِمْ، وَهَذَا أَقرب مِنَ الأَول فِي تَصَوُّرِ الْبِدْعَةِ فِي حَقِّ هَذَا الْقِسْمِ.

وَيُشْبِهُهُ عَلَى قُرْبٍ: زَخْرَفَةُ الْمَسَاجِدِ، إِذ كَثِيرٌ مِنَ النَّاسِ يَعْتَقِدُ أَنها مِنْ قَبِيلِ تَرْفِيعِ بُيُوتِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ تَعْلِيقُ الثُريَّات (?) الْخَطِيرَةِ الأَثمان، حَتَّى يُعَدّ الإِنفاق فِي ذَلِكَ إِنفاقاً فِي سَبِيلِ اللَّهِ، وَكَذَلِكَ إِذا اعتُقِدَ فِي زَخَارِفِ الْمُلُوكِ وإِقامة صُوَرِهِمْ أَنها مِنْ جُمْلَةِ تَرْفِيعِ الإِسلام، وإِظهار (?) مَعَالِمِهِ وَشَعَائِرِهِ، أَو قصد ذلك في فعله أَوّلاً فإنَّه (?) ترفيع للإِسلام بما (?) لَمْ يأْذن اللَّهُ بِهِ. وَلَيْسَ مَا حَكَاهُ القرافي عن معاوية رضي الله عنه (?) مِنْ قَبِيلِ هَذِهِ الزَّخَارِفِ، بَلْ مِنْ قَبِيلِ المُعتاد فِي اللِّبَاسِ، وَالِاحْتِيَاطِ (?) فِي الْحِجَابِ مَخَافةً من انْخِراقِ خَرْقٍ يَتّسع (?) فلا يُرْقَع، هَذَا إِن صَحَّ مَا قَالَ، وإِلا فَلَا يُعَوّل (?) عَلَى نَقْلِ الْمُؤَرِّخِينَ وَمَنْ لَا يُعتبر مِنَ الْمُؤَلِّفِينَ، وأَحرى أَلَّا (?) يَنْبَنِيَ عَلَيْهِ حُكْمٌ.

وأَما مسأَلة الْمَنَاخِلِ: فَقَدْ مَرَّ مَا فِيهَا، وَالْمُعْتَادُ فِيهَا أَنه (?) لَا يُلْحِقها أَحد بالدِّين وَلَا بِتَدْبِيرِ الدُّنْيَا، بِحَيْثُ لَا يَنْفَكّ عَنْهُ؛ كالتشريع، فلا نطوِّل به.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015