وَالْمَعْصِيَةُ مِنْ حَيْثُ هِيَ مَعْصِيَةٌ لَا يُفَارِقُهَا (?) النَّظَران فِي الْوَاقِعِ أَصلاً؛ لأَن تصوُّرَها (?) مَوْقُوفٌ عَلَيْهِمَا (?)، فَالِاسْتِعْظَامُ لِوُقُوعِهَا مَعَ كَوْنِهَا يُعْتَقَدُ فِيهَا أَنها صَغِيرَةٌ لَا يَتَنَافَيَانِ، لأَنهما اعْتِبَارَانِ مِنْ جهتين: فالعاصي وإِن تعمد (?) الْمَعْصِيَةَ لَمْ يَقْصِدْ بِتَعَمُّدِهِ الِاسْتِهَانَةَ بِالْجَانِبِ العَلِيِّ الرَّبَّانِيِّ، وإِنما قَصَدَ اتِّبَاعِ شَهْوَتِهِ مَثَلًا فِيمَا جَعَلَهُ الشَّارِعُ صَغِيرًا أَو كَبِيرًا، فَيَقَعُ الإِثم عَلَى حَسَبِهِ، كَمَا أَن الْبِدْعَةَ لَمْ يَقْصِدْ بِهَا صَاحِبُهَا مُنَازَعَةَ الشَّارِعِ وَلَا التَّهَاوُنَ بِالشَّرْعِ، وإِنما قَصَدَ الْجَرْيَ عَلَى مُقْتَضَاهُ، لَكِنْ بتأْويلٍ زَادَهُ وَرَجَّحَهُ عَلَى غَيْرِهِ، بِخِلَافِ مَا إِذا تَهَاوَنَ بِصِغَرِهَا فِي الشَّرْعِ فإِنه إِنما تَهَاوَنَ بِمُخَالَفَةِ الْمَلِكِ الْحَقِّ، لأَن النَّهْيَ حَاصِلٌ، وَمُخَالَفَتُهُ حَاصِلَةٌ، وَالتَّهَاوُنُ بِهَا عَظِيمٌ، وَلِذَلِكَ يُقَالُ: "لَا تَنْظُرْ إِلى صِغَرِ الْخَطِيئَةِ، وَانْظُرْ إِلى عَظَمَةِ من واجهته (?) بها" (?).