وَيَرَوْنَ أَنه رأْي الْمُحَقِّقِينَ أَيضاً: أَن لَازِمَ المذهب ليس بمذهب، فلذلك (?) إِذا قُرِّر عليه (?) الْخَصْمِ أَنكره غَايَةَ الإِنكار، فإِذاً اعْتِبَارُ ذَلِكَ الْمَعْنَى عَلَى التَّحْقِيقِ لَا يَنْهَضُ، وَعِنْدَ ذَلِكَ تستوي البدعة مع المعصية، فكما أن المعاصي (?) صَغَائِرٌ وَكَبَائِرٌ (?)، فَكَذَلِكَ الْبِدَعُ.
ثُمَّ إِن الْبِدَعَ عَلَى ضَرْبَيْنِ: كُلِّيَّةٌ وجُزئيَّة:
فَأَمَّا الْكُلِّيَّةُ: فَهِيَ السَّائِرة (?) فِيمَا لَا يَنْحَصِرُ مِنْ فُرُوعِ (?) الشَّرِيعَةِ، وَمِثَالُهَا: بِدَعُ الْفِرَقِ الثَّلَاثِ وَالسَّبْعِينَ، فإِنها مُخْتَصَّة بالكُلِّيّات مِنْهَا دُونَ الْجُزْئِيَّاتِ، حَسْبَمَا يتبيَّن (?) بعدُ إِن شاءَ الله تعالى.
وأَما الْجُزْئِيَّةُ: فَهِيَ الْوَاقِعَةُ (?) فِي الْفُرُوعِ الْجُزْئِيَّةِ، وَلَا يَتَحَقَّقُ دُخُولُ هَذَا الضَّرْبِ مِنَ الْبِدَعِ تحت الوعيد بالنار، وإِن دخل (?) تحت وَصْفِ الضَّلال (?)، كَمَا لَا يَتَحَقَّقُ ذَلِكَ فِي سَرِقَةِ لِقِمَّةٍ، أَو التَّطْفِيفِ بِحَبَّةٍ، وإِن كَانَ دَاخِلًا تَحْتَ وَصْفِ السَّرِقَةِ، بَلِ الْمُتَحَقِّقُ دُخُولُ عَظَائِمِهَا وَكُلِّيَّاتِهَا كَالنِّصَابِ فِي السَّرِقَةِ، فَلَا تَكُونُ تِلْكَ الأَدلةُ واضحةَ الشمولِ لَهَا، أَلَّا تَرَى أَنَّ خَوَاصَّ الْبِدَعِ (?) غَيْرُ ظَاهِرَةٍ فِي أَهل الْبِدَعِ الْجُزْئِيَّةِ غَالِبًا؟ كالفُرْقة وَالْخُرُوجِ عَنِ الْجَمَاعَةِ، وإِنما تَقَعُ الْجُزْئِيَّاتُ فِي الْغَالِبِ كالزَّلَّة والفَلْتَةِ، وَلِذَلِكَ لَا يَكُونُ اتِّبَاعُ الْهَوَى فِيهَا مَعَ حُصُولِ التأْويل فِي فَرْدٍ مِنْ أَفراد الْفُرُوعِ، وَلَا الْمَفْسَدَةُ الحاصلة بالجزئية كالمفسدة الحاصلة بالكلية.