عَلَيْهِ سَلَفُهَا فَقَدْ زَعَمَ أَن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ (?)؛ لأَن اللَّهَ تَعَالَى يَقُولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (?)، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا؛ لَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا (?).
وإِنما التَّثْوِيبُ الَّذِي كَرِهَهُ: أَن الْمُؤَذِّنَ كَانَ إِذا أَذَّنَ فأَبطأَ النَّاسُ؛ قَالَ بَيْنَ الأَذان والإِقامة: "قَدْ قَامَتِ الصَّلَاةُ، حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ، حَيَّ عَلَى الْفَلَّاحِ" (?)، وَهُوَ قَوْلُ إِسحاق بن رَاهَوَيْهِ: أَنه التَّثْوِيبُ المُحْدَث.
قَالَ التِّرْمِذِيُّ (?) ـ لَمَّا نقل هذا عن إِسحاق (?) ـ: "وَهَذَا الَّذِي قَالَ (?) إِسحاق هُوَ التَّثْوِيبُ الَّذِي قَدْ كَرِهَهُ أَهل الْعِلْمِ، وَالَّذِي أَحدثوه بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ".
وإِذا اعتُبِر هَذَا اللَّفْظُ فِي نَفْسِهِ فَكُلُّ أَحد يَسْتَسْهِلُّهُ في بادي الرأْي؛ إِذ لَيْسَ فِيهِ زِيَادَةٌ عَلَى التَّذْكِيرِ بِالصَّلَاةِ.
وقصَّة صبيغٍ الْعِرَاقِيِّ ظَاهِرَةٌ فِي هَذَا الْمَعْنَى.
فَحَكَى ابْنُ وَهْبٍ؛ قَالَ: حَدَّثَنَا مَالِكُ بْنُ أَنس؛ قَالَ: جَعَلَ صَبِيغ يَطُوفُ بِكِتَابِ اللَّهِ (?) مَعَهُ، وَيَقُولُ: مَنْ يَتَفَقَّهْ يُفقِّهه اللَّهُ، مَنْ يَتَعَلَّمْ يُعلِّمْه اللَّهُ؛ فأَخذه عُمَرُ بْنُ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ فَضَرَبَهُ بِالْجَرِيدِ الرَّطْب، ثُمَّ سَجَنَهُ حَتَّى إِذا خَفَّ الَّذِي بِهِ؛ أَخرجه فَضَرَبَهُ، فَقَالَ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ! إِن كُنْتَ تُرِيدُ قَتْلِي فأَجهز عَلَيَّ، وإِلا فَقَدْ شفيتني شفاك الله، فخلاّه عمر بن الخطاب (?).