وَحَاصِلُ مَا فِي هَذِهِ الْآيَةِ: تَحْرِيمُ مَا أَحلّ اللَّهُ عَلَى نِيَّةِ التَّقَرُّبِ بِهِ إِليه، مَعَ كَوْنِهِ حَلَالًا بِحُكْمِ (?) الشَّرِيعَةِ الْمُتَقَدِّمَةِ.
وَلَقَدْ هَمَّ بَعْضُ أَصحاب رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عليه وسلّم أَن يحرموا على أَنفسهم بعض (?) ما أَحل الله لهم (?)، وإِنما كَانَ قَصْدُهُمْ بِذَلِكَ الانقطاعَ إِلى اللَّهِ عَنِ الدُّنْيَا وأَسبابها وَشَوَاغِلِهَا، فَرَدَّ ذَلِكَ عَلَيْهِمْ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، فأَنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ وَلاَ تَعْتَدُوا إِنَّ اللَّهَ لاَ يُحِبُّ الْمُعْتَدِينَ *} (?).
وسيأْتي شَرْحُ هَذِهِ الْآيَةِ فِي الْبَابِ السَّابِعِ إِن شاءَ اللَّهُ تَعَالَى. وَهُوَ دليلٌ عَلَى أَن تَحْرِيمَ مَا أَحل اللَّهُ ـ وإِن كَانَ بِقَصْدِ سُلُوكِ طَرِيقِ الْآخِرَةِ ـ منهيٌّ عَنْهُ، وَلَيْسَ فِيهِ اعْتِرَاضٌ عَلَى الشَّرْعِ وَلَا تَغْيِيرٌ لَهُ، وَلَا قُصِدَ فِيهِ الِابْتِدَاعُ، فَمَا ظَنُّكَ بِهِ (?) إِذا قُصِدَ بِهِ التَّغْيِيرُ وَالتَّبْدِيلُ كَمَا فَعَلَ الكفار؛ أَو قصد به الابتداع في الشريعة، وتمهيد سبيل الضلالة؟