الْبَابُ السَّادِسُ
فِي أَحكام الْبِدَعِ وأَنها لَيْسَتْ على رتبة واحدة
اعْلَمْ أَنا (?) إِذا بَنَيْنَا عَلَى أَن الْبِدَعَ مُنْقَسِمَةٌ إِلى الأَحكام الْخَمْسَةِ؛ فَلَا إِشكال فِي اختلاف رُتبها (?)؛ لأَن النَّهْيَ مِنْ جِهَةِ انْقِسَامِهِ إِلى نَهْيِ الْكَرَاهِيَةِ وَنَهْيِ التَّحْرِيمِ يَسْتَلْزِمُ (?) أَن أَحدهما أَشد فِي النَّهْيِ مِنَ الْآخَرِ، فإِذا انْضَمَّ إِليهما (?) قِسْمُ الإِباحة؛ ظَهَرَ الِاخْتِلَافُ فِي الأَقسام، فإِذا اجْتَمَعَ إِليها قِسْمُ النَّدْبِ وَقِسْمُ الْوُجُوبِ؛ كَانَ الِاخْتِلَافُ فِيهَا أَوضح، وَقَدْ مَرَّ مِنْ أَمثلتها أَشياءَ كَثِيرَةٌ؛ لَكِنَّا لَا نَبْسُطُ الْقَوْلَ فِي هَذَا التَّقْسِيمِ، وَلَا بَيَانِ رُتَبِهِ بالأَشد والأَضعف؛ لأَنه إِما أَن يكون تقسيماً حقيقياً أَو لا، فإِن لم يكن (?) حقيقياً فالكلام فيه عناءٌ، وإِن كان حقيقياً (?) فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنه غَيْرُ صَحِيحٍ، فَلَا فَائِدَةَ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى مَا لَا يَصِحُّ، وإِن عَرَضَ فِي ذَلِكَ نَظَرٌ أَو تَفْرِيعٌ فإِنما يذكرُ بِحُكْمِ التَّبَعِ بِحَوْلِ اللَّهِ (?).
فإِذا خَرَجَ عَنْ هَذَا التَّقْسِيمِ ثَلَاثَةُ أَقسام: قِسْمُ الْوُجُوبِ، وَقِسْمُ النَّدْبِ، وَقِسْمُ الإِباحة؛ انْحَصَرَ النَّظَرُ فِيمَا بقي، وهو الذي يثبت (?) مِنَ التَّقْسِيمِ، غَيْرَ أَنه وَرَدَ النَّهْيُ عَنْهَا على وجه واحد، وَنِسْبَةٍ (?) إِلَى الضَّلَالَةِ وَاحِدَةٌ؛ فِي قَوْلِهِ: "إِياكم وَمُحْدَثَاتِ الأُمور؛ فإِن كل محدثة بدعة،