من السائل أَمراً زائداً على التماس (?) الدعاءِ، فَلِذَلِكَ قالَ: لستُ بِنَبِيٍّ.
ويدلُّك عَلَى هَذَا: مَا رُوِيَ (?) عَنْ سَعْدِ (?) بْنِ أَبِي وَقَّاصٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: أَنه لَمَّا قَدِمَ الشَّامَ أَتاه رَجُلٌ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي (?)، فَقَالَ: غَفَرَ اللَّهُ لَكَ، ثُمَّ أَتاه آخَرٌ فَقَالَ: اسْتَغْفِرْ لِي، فَقَالَ: لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ وَلَا لِذَاكَ (?)، أَنبي أَنا؟!.
فَهَذَا أَوضح فِي أَنه فَهِمَ مِنَ السَّائِلِ (?) أَمْرًا زَائِدًا، وَهُوَ أَنْ يَعْتَقِدَ فِيهِ أَنَّهُ مِثْلُ النَّبِيِّ، أَوْ أَنَّهُ وَسِيلَةٌ إِلى أَن يَعْتَقِدَ ذَلِكَ، أَو يعتقد أَنه سنة تُلْتَزَم (?)، أَو تجري (?) فِي النَّاسِ مَجْرَى السُّنَنِ المُلْتَزَمة (?).
وَنَحْوُهُ (?) عَنْ زَيْدِ بْنِ وَهْبٍ: أَن رَجُلًا قَالَ لِحُذَيْفَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ: اسْتَغْفِرْ لِي. فَقَالَ: لَا غَفَرَ اللَّهُ لَكَ! ثُمَّ قَالَ: هَذَا يَذْهَبُ إِلى نسائه فيقول: استغفرَ لي حذيفة، أَترضى أَن أَدعو الله أَن يجعلك (?) مِثْلَ حُذَيْفَةَ؟ فَدَلَّ هَذَا عَلَى أَنه وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَمر زَائِدٌ يَكُونُ الدعاءُ لَهُ ذَرِيعَةً حَتَّى يَخرُج عَنْ أَصله؛ لِقَوْلِهِ بَعْدَ مَا دَعَا (?) عَلَى الرَّجُلِ (?): هَذَا يَذْهَبُ إِلى نسائه فيقول كذا؛ أَي: فيأْتي نساؤه (?) أيضاً (?) لِمِثْلِهَا، ويَشْتهر الأَمر حَتَّى يُتَّخذ سُنّة، ويُعتقَد في حذيفة ما لا يدعيه هُوَ لِنَفْسِهِ، وَذَلِكَ يَخْرُجُ الْمَشْرُوعُ عَنْ كَوْنِهِ مَشْرُوعًا، ويؤدِّي إِلى التشيُّع وَاعْتِقَادِ أَكثر مِمَّا يحتاج إِليه.