رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَمَا (?) تَقَدَّمَ فِيهِ مِنَ التَّوْجِيهِ الِاجْتِهَادِيِّ جارٍ هُنَا. وَلَا يَكُونُ بِسَبَبِ ذَلِكَ مُخَالِفًا للسُّنّة؛ لأَن قِصَّةَ هِشَامٍ نَازِلَةٌ لَا عَهْدَ بِهَا فِيمَا تَقَدَّمَ؛ لِأَنَّ الْأَذَانَ إِعلام بِمَجِيءِ الإِمام لِخَفَاءِ مَجِيئِهِ عَنِ النَّاسِ لِبُعْدِهِمْ عَنْهُ، ثُمَّ الإِقامة للإِعلام (?) بِالصَّلَاةِ، إِذ لَوْلَا هِيَ لَمْ يَعْرِفُوا دُخُولَهُ فِي الصَّلَاةِ، فَصَارَ ذَلِكَ أَمراً لَا بُدّ مِنْهُ كأَذان الزَّوْراء.

والجواب: أَن مجيء الإِمام لَمَّا (?) لم يشرع فيه أذان (?) ـ وإِن خَفِيَ عَلَى بَعْضِ النَّاسِ لِبُعْدِهِ بِكَثْرَةِ النَّاسِ ـ، فَكَذَلِكَ لَا يُشْرَعُ فِيمَا بَعْدُ؛ لأَن العلة كانت موجودة ثم لم يشرع (?)، إِذ لَا يَصِحُّ أَنْ تَكُونَ العِلَّة غَيْرَ مُؤَثِّرَةٍ فِي زَمَانِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَالْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ ثُمَّ تَصِيرُ مُؤَثِّرَةً.

وأَيضاً: فإِحداث الأَذان والإِقامة انْبَنَى عَلَى إِحداث تَقْدِيمِ الْخُطْبَةِ عَلَى الصَّلَاةِ، وَمَا انْبَنَى عَلَى المُحْدَث مُحْدَث.

ولأَنه لَمَّا لَمْ يُشْرَعْ فِي النَّوَافِلِ أَذان وَلَا إِقامة عَلَى حَالٍ؛ فَهِمْنَا مِنَ الشَّرْعِ التَّفْرِقَةَ بَيْنَ النَّفْلِ وَالْفَرْضِ لِئَلَّا تَكُونَ (?) النَّوَافِلُ كَالْفَرَائِضِ فِي الدعاءِ إِليها، فَكَانَ إِحداث الدُّعَاءِ إِلَى النَّوَافِلِ لَمْ يُصَادِفْ مَحَلًّا.

وَبِهَذِهِ الأَوجه الثَّلَاثَةِ يَحْصُلُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَذان الزَّوْراء وَبَيْنَ مَا نَحْنُ فِيهِ، فَلَا يَصِحُّ أَن يُقَاسَ أَحدهما عَلَى الْآخَرِ، والأَمثلة فِي هَذَا الْمَعْنَى كَثِيرَةٌ.

وَمِنْ نَوَادِرِهَا الَّتِي لَا يَنْبَغِي (?) أَن تُغفل: مَا جَرَى بِهِ عَمَلُ جُمْلَةٍ مِمَّنْ يَنْتَمِي إِلَى طَرِيقَةِ (?) الصُّوفِيَّةِ؛ مِنْ تربُّصهم (?) ببعض العبادات أَوقاتاً معلومة (?) غَيْرَ مَا وقَّته الشَّرْعُ فِيهَا، فَيَضَعُونَ نَوْعًا من العبادات المشروعة

طور بواسطة نورين ميديا © 2015