وَفِي الْحَدِيثِ أَيضاً مَا يُشْعِرُ بأَن التَّكْرَارَ كَذَلِكَ عَمَلٌ مُحْدث فِي مَشْرُوعِ الأَصل بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ.
وَمِنْ ذلك قراءَة القرآن بهيئة الاجتماع، وكذلك الِاجْتِمَاعِ (?) عشيَّة عَرَفَةَ فِي الْمَسْجِدِ للدعاءِ؛ تشبُّهاً بأَهل عَرَفة (?)، ونقل الأَذان يوم الجمة مِنَ الْمَنَارِ وَجَعْلُهُ قُدَّامَ الإِمام.
فَفِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ (?): وَسُئِلَ (?) عَنِ القُرى الَّتِي لَا يَكُونُ فِيهَا إِمام إِذا صَلَّى بِهِمْ رَجُلٌ مِنْهُمُ الْجُمْعَةَ: أَيخطب بِهِمْ؟ قَالَ: نَعَمْ! لَا تَكُونُ الْجُمْعَةُ إِلا بِخِطْبَةٍ. فَقِيلَ لَهُ: أَفيؤذِّن قُدَّامه؟ قَالَ: لَا، وَاحْتَجَّ عَلَى ذَلِكَ بِفِعْلِ أَهل الْمَدِينَةِ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ (?): الأَذان بَيْنَ يَدَيِ الإِمام فِي الْجُمْعَةِ مَكْرُوهٌ؛ لأَنه مُحْدَثٌ. قَالَ: وأَول مَنْ أَحدثه هِشَامُ بْنُ عَبْدِ الْمَلِكِ، وإِنما كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ إِذا زَالَتِ (?) الشَّمْسُ وَخَرَجَ؛ رَقَى الْمِنْبَرَ، فإِذا رَآهُ الْمُؤَذِّنُونُ ـ وَكَانُوا ثَلَاثَةً ـ قَامُوا فأَذّنوا في المَشْرُبَة (?) واحداً بعد واحد كما يؤذِّنون (?) فِي غَيْرِ الْجُمْعَةِ، فإِذا فَرَغُوا أَخَذَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ فِي خُطْبَتِهِ (?).