فَلَا تَعَارُضَ بَيْنِهِمَا؛ لِلِاتِّفَاقِ عَلَى تَقْدِيمِ الْقَطْعِيِّ، وَمِثْلُ الْحَدِيثِ قَوْلُ اللَّهِ تَعَالَى: {ذَلِكَ بِأَنَّهُمْ لاَ يُصِيبُهُمْ ظَمَأٌ وَلاَ نَصَبٌ وَلاَ مَخْمَصَةٌ فِي سَبِيلِ اللَّهِ} الْآيَةَ (?).
وَمِنْ ذَلِكَ: الِاقْتِصَارُ مِنَ المأْكول عَلَى أَخْشَنِه (?) وأَفْظَعهِ لمجرَّد التَّشْدِيدِ، لَا لِغَرَضٍ سِوَاهُ، فَهُوَ مِنَ النَّمَطِ الْمَذْكُورِ فَوْقَه؛ لأَن الشَّرْعَ لَمْ يَقْصِدْ إِلى تَعْذِيبِ النَّفْسِ فِي التَّكْلِيفِ (?)، وَهُوَ أَيْضًا مُخَالِفٌ لِقَوْلِهِ عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ: "إِن لِنَفْسِكَ عَلَيْكَ حَقًّا" (?). وَقَدْ كَانَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ يأْكل الطَّيِّب إِذا وَجَدَهُ (?) وَكَانَ يُحِبُّ الحلواءَ وَالْعَسَلَ (?)، وَيُعْجِبُهُ لَحْمُ الذِّرَاعِ (?)، ويُسْتَعْذَب لَهُ الماءُ (?)، فأَين التَّشْدِيدُ مِنْ هذا؟