فِيمَا لَا يَجُوزُ، كَمَا جاءَ فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "يُوشِكُ أَن يَكُونَ خيرَ مالِ الْمُسْلِمِ غنمٌ (?) يَتْبَعُ بها شَعَفَ الْجِبَالِ وَمَوَاقِعَ القَطْر، يَفِرّ بِدِينِهِ مِنَ الفِتَن" (?). وَسَائِرُ مَا جاءَ فِي هَذَا الْمَعْنَى.

وَأَيْضًا فإِن اللَّهَ تَعَالَى قَالَ لِنَبِيِّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: {وَاذْكُرِ اسْمَ رَبِّكَ وَتَبَتَّلْ إِلَيْهِ تَبْتِيلاً *} (?). والتَّبَتُّلُ ـ عَلَى مَا قَالَهُ زَيْدُ بْنُ أَسلم ـ: رَفْضُ الدُّنْيَا؛ مِنْ قَوْلِهِمْ: بَتَلْتُ الحَبْلَ بَتْلاً: إِذا قطعته، ومعناه: انقطع مِنْ كُلِّ شيءٍ إِلا مِنْهُ.

وَقَالَ الْحَسَنُ (?) وغيره: بَتِّل إِليه نفسَكَ واجْتَهِد. وَقَالَ ابْنُ زَيْدٍ (?): تفرَّغْ لِعِبَادَتِهِ. هَذَا إِلى مَا جاءَ عَنِ السَّلَفِ الصَّالِحِ مِنَ الِانْقِطَاعِ إِلى عِبَادَةِ اللَّهِ، وَرَفْضِ أَسْبَابِ الدُّنْيَا، والتخلِّي عَنِ الْحَوَاضِرِ إِلى الْبَوَادِي، وَاتِّخَاذِ الخَلَوَات فِي الْجِبَالِ والبَرارِي، حَتَّى إِن بَعْضَ الْجِبَالِ الشاميَّة قد خصَّها الله بالأَولياءِ والمنقطعين؛ كجبل (?) لُبْنَانَ وَنَحْوِهِ.

فَمَا وَجْهُ ذَلِكَ (?)؟

فَالْجَوَابُ: أَن الرَّهبانية إِن كانت بالمعنى (?) المقرَّر في الشرائع (?) الأُوَلِ، فَلَا نسلِّم أَنَّهَا فِي شَرْعِنَا؛ لِمَا تقدم من الأَدلة الدالّة (?) عَلَى نَسْخِهَا، كَانَتْ لعارِضٍ أَوْ لِغَيْرٍ عارِض، إِذ لا رهبانية في الإِسلام (?)،

طور بواسطة نورين ميديا © 2015