وَعَنِ الكَلْبي (?): أَن يَعْقُوبَ عَلَيْهِ السَّلَامُ قَالَ: إِنِ اللهُ شَفَاني لأُحَرِّمَنَّ أَطيبَ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ ـ أَو قال: أَحبَّ الطعام والشراب (?) ـ إِليَّ. فَحَرَّمَ لُحُومَ الإِبل وأَلبانها.

قَالَ الْقَاضِي: الَّذِي نَحْسَبُ ـ وَاللَّهُ أَعلم ـ: أَن إِسرائيل حِينَ حرَّم على نفسه ما حرَّم من الحلال (?) لَمْ يَكُنْ فِي ذَلِكَ الْوَقْتِ مَنْهِيًّا عَنْ ذَلِكَ، وأَنهم كَانُوا إِذا حرَّموا عَلَى أَنفسهم شيئاً من الحلال حُرِّم عليهم، كما كان الحالف إِذا حلف أَلاّ يَفْعَلَ شَيْئًا مِنَ الْحَلَالِ (?) لَمْ يَجُزْ لَهُ (?) أَن يفعله (?)، حَتَّى نَزَلَتْ كَفَّارَةُ الْيَمِينِ؛ قَالَ اللَّهُ تَعَالَى: {قَدْ فَرَضَ اللَّهُ لَكُمْ تَحِلَّةَ أَيْمَانِكُمْ} (?). وَالْحَالِفُ إِذا حَلَفَ عَلَى شيءٍ وَلَمْ يَقُلْ: "إِن شاءَ اللَّهُ" كَانَ بِالْخِيَارِ، إِن شاءَ فَعَلَ وكَفَّر، وإِن شاءَ لَمْ يَفْعَلْ. قَالَ: وَهَذِهِ الأَشياءُ (?) وَمَا أَشبهها مِنَ الشَّرَائِعِ يَكُونُ فِيهَا النَّاسِخُ وَالْمَنْسُوخُ، فَكَانَ النَّاسِخُ فِي هَذَا قوله تعالى: {يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لاَ تُحَرِّمُوا طَيِّبَاتِ مَا أَحَلَّ اللَّهُ لَكُمْ} (?). قَالَ: فَلَمَّا وَقَعَ النهيُ لَمْ يَجُزْ للإِنسان أَن يَقُولَ: الطَّعَامُ عليَّ حَرَامٌ، وَمَا أَشبه ذَلِكَ مِنَ الْحَلَالِ. فإِن قَالَ إِنسان شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ كَانَ قَوْلُهُ بَاطِلًا، وإِن حَلَفَ عَلَى ذَلِكَ بِاللَّهِ كَانَ لَهُ أَن يَأْتيَ الذي هو خير، ويُكَفِّر عن يمينه.

والمسألة (?) الرَّابِعَةُ (?): أَن نَقُولَ: مِمَّا يُسْأَلُ عَنْهُ: قَوْلُهُ تعالى:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015