خَلَلٍ فِي نَفْسِ الْعِبَادَةِ، وَلَا فِي رُكْنٍ مِنْ أَركانها، وإِنما كَانَ لأَجل الْخَوْفِ مِنْ أَمر متوقَّع؛ كَمَا قَالَتْ عَائِشَةُ رَضِيَ اللَّهُ تَعَالَى عَنْهَا: إِن النَّهْيَ عَنِ الْوِصَالِ إِنما كان رحمة بالأُمّة، وَقَدْ وَاصَلَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بِمَنْ تَبِعَهُ فِي الْوِصَالِ (?) كالمنكِّل (?) بِهِمْ (?)، وَلَوْ كَانَ مَنْهِيًّا عَنْهُ بِالنِّسْبَةِ إِليهم لَمَا فعل (?).

فانظروا (?) كَيْفَ اجْتَمَعَ فِي الشَّيْءِ الْوَاحِدِ كَوْنُهُ عِبَادَةً وَمَنْهِيًّا عَنْهُ، لَكِنْ بِاعْتِبَارَيْنِ. وَنَظِيرُهُ فِي الْفِقْهِيَّاتِ: مَا يَقُولُهُ جَمَاعَةٌ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ فِي الْبَيْعِ بَعْدَ نداءِ الْجُمُعَةِ، فإِنه نُهِيَ عَنْهُ (?)، لَا مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ بَيْعًا، بَلْ مِنْ جِهَةِ كَوْنِهِ مَانِعًا مِنْ حُضُورِ الْجُمُعَةِ، فَيُجِيزُونَ الْبَيْعَ بعد الوقوع، ولا يجعلونه (?) فَاسِدًا، وإِن وُجِدَ التَّصْرِيحُ بِالنَّهْيِ فِيهِ، لِلْعِلْمِ بأَن النَّهْيَ لَيْسَ بِرَاجِعٍ إِلى نَفْسِ الْبَيْعِ، بل إِلى أَمر يجاوره، ولذلك يعلل جماعة ممن قال (?) بفسخ البيع بأَنه (?) زَجْرٌ لِلْمُتَبَايِعَيْنِ، لَا لأَجل النَّهْيِ عَنْهُ، فَلَيْسَ عِنْدَ هَؤُلَاءِ بِبَيْعٍ فَاسِدٍ أَيضاً، وَلَا النَّهْيُ رَاجِعٌ إِلى نَفْسِ الْبَيْعِ.

فالأَمر بِالْعِبَادَةِ شيءٌ، وَكَوْنُ المكلَّف يُوفِي بِهَا أَوْ لَا شيءٌ آخَرُ. فَإِقْرَارُ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ عبد الله بن عمرو (?) رضي الله عنهما عَلَى مَا الْتَزَمَ دَلِيلٌ عَلَى صِحَّةِ مَا الْتَزَمَ (?)، وَنَهْيُهُ إِيّاه ابْتِدَاءً لَا يَدُلُّ عَلَى الْفَسَادِ، وإِلا لَزِمَ التَّدَافُعُ، وَهُوَ مُحَالٌ. إِلا أَن هَاهُنَا نَظَرًا (?) آخَرَ، وَهُوَ: أَن رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ صَارَ فِي هَذِهِ الْمَسَائِلِ كَالْمُرْشِدِ للمكلَّف، وكالمتبرِّع (?) بِالنَّصِيحَةِ عِنْدَ

طور بواسطة نورين ميديا © 2015