{قُمِ اللَّيْلَ إِلاَّ قَلِيلاً *} (?) الآية، والله أعلم (?).

وَالثَّالِثُ: أَن دُخُولَ المَشَقَّة وَعَدَمَهُ عَلَى المكلَّف فِي الدَّوَامِ أَو غَيْرِهِ لَيْسَ أَمْرًا مُنْضَبِطًا، بل هو إضافي يختلف (?) بِحَسَبِ اخْتِلَافِ النَّاسِ فِي قوَّة أَجسامهم، أَو فِي (?) قُوَّةِ عَزَائِمِهِمْ، أَو فِي قُوَّةَ يَقِينِهِمْ، أَو نحو ذلك من أَوصاف أَجسامهم وأَنْفُسِهِمْ (?)، فَقَدْ يَخْتَلِفُ الْعَمَلُ الْوَاحِدُ بِالنِّسْبَةِ إِلَى رَجُلَيْنِ؛ لأَن أَحدهما أَقوى جِسْمًا، أَو أَقوى عَزِيمَةً، أَو يقيناً بالموعود، وَالْمَشَقَّةُ قَدْ تَضْعُفُ بِالنِّسْبَةِ إِلى قُوَّةِ هَذِهِ الأُمور وأَشباهها، وَتَقْوَى (?) مَعَ ضَعْفِهَا.

فَنَحْنُ نَقُولُ: كُلُّ عَمَلٍ يَشُقُّ الدَّوَامُ عَلَى مِثْلِهِ (?) بِالنِّسْبَةِ إِلَى زَيْدٍ فَهُوَ مَنْهِيٌّ عَنْهُ، وَلَا يَشُقُّ على عمرو فَلَا يُنْهَى عَنْهُ. فَنَحْنُ نَحْمِلُ مَا دَاوَمَ عَلَيْهِ الأَوّلون مِنَ الأَعمال عَلَى أَنه لَمْ يَكُنْ شَاقًّا عَلَيْهِمْ؛ وإِن كَانَ مَا هُوَ أَقل مِنْهُ شَاقًّا عَلَيْنَا، فَلَيْسَ عَمَلُ مِثْلِهِمْ بِمَا عَمِلُوا بِهِ حُجَّةً لَنَا أَن نَدْخُلَ فيما دخلوا فيه، إلا بشرط أَن يتّحد (?) مَنَاطُ الْمَسْأَلَةِ فِيمَا بَيْنَنَا وَبَيْنَهُمْ، وَهُوَ أَن يَكُونَ ذَلِكَ الْعَمَلُ لَا يَشُقُّ الدَّوَامُ عَلَى مثله علينا (?).

وَلَيْسَ كَلَامُنَا فِي هَذَا لِمُشَاهَدَةِ (?) الْجَمِيعِ، فإِن التوسُّط والأَخذ بالرفق (?) هو الأَحرى (?) بِالْجَمِيعِ، وَهُوَ الَّذِي دَلَّتْ عَلَيْهِ الأَدلة، دُونَ الإِيغال الَّذِي لَا يَسْهُلُ مِثْلُهُ عَلَى جَمِيعِ الخلق ولا أَكثرهم، بل (?) على القليل النادر منهم.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015