وَلَيْسَ بِمَعْنَى النَّذْرِ؛ إِذ لَوْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَقُلْ لَهُ: "صُمْ مِنَ الشَّهْرِ ثَلَاثَةَ أَيام"، صم كذا، صُمْ كَذَا (?)، وَلَقَالَ لَهُ: أَوف بِنَذْرِكَ؛ لأَنه صلّى الله عليه وسلّم يقول (?): "مَنْ نَذَرَ أَن يُطِيعَ اللَّهَ فَلْيُطِعْهُ" (?).
فأَما الِالْتِزَامُ بِالْمَعْنَى النَّذْرِيِّ، فَلَا بُدَّ مِنَ الوفاءِ بِهِ وُجُوبًا لَا نَدْبًا ـ عَلَى مَا قَالَهُ العلماءُ ـ، وجاءَ فِي الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ مَا يَدُلُّ عَلَيْهِ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي كُتُبِ الْفِقْهِ، فَلَا نُطَوِّل (?) به.
وأَما بالمعنى الثَّانِي: فالأَدلة تَقْتَضِي الوفاءَ بِهِ فِي الْجُمْلَةِ، ولكن لا تبلغ مبلغ الإيجاب وإن بلغت (?) مَبْلَغَ الْعِتَابِ عَلَى التَّرْكِ (?)، حَسْبَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ الآية (?) فِي مأْخذ أَبي أُمامة (?) رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فإنه لما نظر إلى ترتيب عمر رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ (?) لِلْقِيَامِ فِي الْمَسْجِدِ جَمَاعَةً؛ كَانَ ذَلِكَ بِصُورَةِ النَّوَافِلِ (?) الرَّاتِبَةِ (?) الْمُقْتَضِيَةِ لِلدَّوَامِ فِي الْقَصْدِ الأَول، فأَمرهم بِالدَّوَامِ (?) حَتَّى لَا يَكُونُوا كَمَنْ عَاهَدَ ثُمَّ لَمْ يُوفِ بِعَهْدِهِ فَيَصِيرَ مُعَاتَبًا، لَكِنَّ هَذَا الْقَسَمَ عَلَى وَجْهَيْنِ (?):
الْوَجْهُ (?) الأَول: أَن يَكُونَ فِي نَفْسِهِ مِمَّا لا يطاق، أَو مما فيه حرج ومَشَقَّة (?) فادِحَة، أَو يؤدِّي (?) إِلى تَضْيِيعِ مَا هُوَ أَولى، فهذه هي الرهبانية