وَالْحَارِثُ الْمُحَاسَبِيُّ مِنْ كِبَارِ الصُّوفِيَّةِ المُقْتدى بِهِمْ (?)، فإِذاً لَيْسَ فِي كَلَامِ الْمُجِيبِ مَا يَتَعَلَّقُ بِهِ هؤلاءِ المتأَخِّرون (?)؛ إِذ بَايَنُوا الْمُتَقَدِّمِينَ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ، وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ.
والأَمثلة فِي الْبَابِ كَثِيرَةٌ لَوْ تُتُبِّعَتْ لَخَرَجْنَا عَنِ الْمَقْصُودِ، وإِنما ذَكَرْنَا أَمثلة تبيِّن مِنَ اسْتِدْلَالَاتِهِمُ الْوَاهِيَةِ مَا يُضَاهِيهَا، وَحَاصِلُهَا الْخُرُوجُ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَنِ الطَّرِيقِ الَّذِي أَوْضَحَهُ العلماءُ، وَبَيَّنَهُ الأَئمة، وَحَصَرَ أَنواعه الرَّاسِخُونَ فِي الْعِلْمِ.
وَمَنْ نَظَرَ إِلى طُرُقِ (?) أَهل الْبِدَعِ فِي الِاسْتِدْلَالِ عَرَفَ أَنَّهَا لَا تَنْضَبِطُ؛ لأَنها سَيَّالة لَا تَقِفُ عِنْدَ حَدٍّ، وعلى (?) وَجْهٍ يَصِحُّ لِكُلِّ زائغٍ وكافرٍ أَن يَسْتَدِلَّ عَلَى زَيْغِهِ وكفرِهِ؛ حَتَّى يَنْسِبَ النِّحْلَةَ الَّتِي الْتَزَمَهَا إِلى الشَّرِيعَةِ.
فَقَدْ رأَينا وَسَمِعْنَا عَنْ بَعْضِ الْكُفَّارِ أَنه اسْتَدَلَّ عَلَى كُفْرِهِ بِآيَاتِ الْقُرْآنِ؛ كَمَا اسْتَدَلَّ بَعْضُ النَّصَارَى عَلَى تَشْرِيكِ (?) عيسى مع الله في الربوبية (?) بِقَوْلِهِ تَعَالَى: {وَكَلِمَتُهُ أَلْقَاهَا إِلَى مَرْيَمَ وَرُوحٌ مِنْهُ} (?)، واستدل