دعوته (?) قصده: مطابق بحسب ما ذُكر أَوْ لا؛ فإن مَنْ (?) دَعَا قَوْمًا إِلى مَنْزِلِهِ لتعلُّم آيَةٍ أَو سُورَةٍ مِنْ كِتَابِ اللَّهِ (?)، أَو سُنَّةٍ مِنْ سُنَنِ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، أَو مُذَاكَرَةٍ فِي عِلْمٍ، أَو فِي نعم الله، أَو مؤانسة بشعر (?) فِيهِ حِكْمَةٌ لَيْسَ فِيهِ غناءٌ مَكْرُوهٌ وَلَا صَحِبَهُ شَطْحٌ وَلَا زَفَن وَلَا صِيَاحٌ، وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِنَ الْمُنْكَرَاتِ، ثُمَّ أَلْقَى إِليهم شيئاً مِنَ الطَّعَامِ (?) عَلَى غَيْرِ وَجْهِ التكلُّف وَالْمُبَاهَاةِ، ولم يقصد بذلك بدعة، ولا امتيازاً بفرقة تَخْرُجُ بأَفعالها وأَقوالها عَنِ السُّنَّةِ (?)، فَلَا شَكَّ فِي اسْتِحْسَانِ ذَلِكَ؛ لأَنه دَاخِلٌ فِي حُكْمِ المأْدُبَةِ الْمَقْصُودِ بِهَا حُسْنَ العِشْرَةِ بَيْنَ الْجِيرَانِ (?) والإِخوان، والتودُّد بَيْنَ الأَصحاب، وَهِيَ فِي حُكْمِ الِاسْتِحْبَابِ، فإِن كَانَ فِيهَا تَذَاكُرٌ فِي عِلْمٍ أَو نَحْوِهِ، فَهِيَ مِنْ بَابِ التَّعَاوُنِ عَلَى الخير.
ومثاله ما يحكى عن محمد بن خفيف؛ قَالَ: دَخَلْتُ يَوْمًا عَلَى الْقَاضِي عَلِيِّ بْنِ أَحمد، فَقَالَ لِي: يَا أَبا (?) عَبْدِ اللَّهِ! قلت (?): لبيك أَيها القاضي، فقال (?): هَاهُنَا أَحكي (?) لَكُمْ حِكَايَةً تَحْتَاجُ أَن (?) تَكْتُبَهَا بِمَاءِ الذَّهَبِ. فَقُلْتُ: أَيها الْقَاضِي! أَما الذَّهَبُ فَلَا أَجده، وَلَكِنِّي أَكتبها بِالْحِبْرِ الْجَيِّدِ. فَقَالَ: بَلَغَنِي أَنه قِيلَ لِأَبِي عَبْدِ اللَّهِ أَحمد بْنِ حَنْبَلٍ: إِنَّ الْحَارِثَ المُحَاسِبي يَتَكَلَّمُ فِي عُلُومِ الصُّوفِيَّةِ، وَيَحْتَجُّ عَلَيْهِ بِالْآيِ، فَقَالَ أَحمد: أَحب أَن أَسمع كَلَامَهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَعْلَمُ. فَقَالَ رَجُلٌ: أَنَا أَجمعك مَعَهُ. فَاتَّخَذَ دَعْوَةً، وَدَعَا الْحَارِثَ وَأَصْحَابَهُ، وَدَعَا أَحمد. فَجَلَسَ أحمد (?) بِحَيْثُ يَرَى الْحَارِثَ، فَحَضَرَتِ الصَّلَاةُ، فتقدَّم وصلَّى بِهِمُ الْمَغْرِبَ، وأَحضر الطَّعَامَ، فَجَعَلَ يأْكل وَيَتَحَدَّثُ معهم، فقال أَحمد: هذا من السنة.