أَتوا عُمَرَ بْنَ الْخَطَّابِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، فَقَالُوا: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ! إِن لَنَا إِماماً إِذا فَرَغَ مِنْ صَلَاتِهِ تغنَّى، فَقَالَ عُمَرُ: مَنْ هُوَ؟ فذُكر لَهُ (?) الرَّجُلُ، فَقَالَ: قُومُوا بِنَا إِليه، فإِنا إِن وجَّهنا إِليه يَظُنُّ أَنّا تجسَّسنا عَلَيْهِ أَمره. قَالَ: فَقَامَ عُمَرُ مَعَ جَمَاعَةٍ مِنْ أَصحاب النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ حَتَّى أَتوا الرَّجُلَ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ، فَلَمَّا أَن نَظَرَ إِلى عُمَرَ قَامَ فَاسْتَقْبَلَهُ، فَقَالَ: يَا أَمير الْمُؤْمِنِينَ! مَا حَاجَتُكَ؟ وَمَا جاءَ بِكَ؟ إِن كَانَتِ الْحَاجَةُ لَنَا كُنَّا أَحقَّ بِذَلِكَ مِنْكَ أَن نأْتيك، وإِن كَانَتِ الْحَاجَةُ لَكَ فأَحق مَنْ عَظَّمْنَاهُ خليفةُ خليفةِ (?) رسول صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ. قَالَ لَهُ عُمَرُ: وَيَحَكَ! بَلَغَنِي عَنْكَ (?) أَمر ساءَني! قَالَ: وَمَا هو يا أَمير المؤمنين؟ فإني أعينك من نفسي، قال له عمر: بلغني أنك إذا صلَّيت تغنَّيت. قال: نعم يا أمير المؤمنين (?)! فقال (?) عمر (?): أتتمجَّن (?) فِي عِبَادَتِكَ؟ قَالَ: لَا يَا أَمير المؤمنين، ولكنها (?) عِظَةٌ أَعِظُ بها نفسي. فقال (?) عُمَرُ: قُلْها، فإِن كَانَ كَلَامًا حَسَنًا قُلْتُهُ (?) مَعَكَ، وإِن كَانَ قَبِيحًا نَهَيْتُكَ عَنْهُ. فَقَالَ:
وفُؤَادٌ كُلَّما عَاتَبْتُهُ ... عَادَ في (?) الهُجْران يَبْغي تَعَبي (?)
لَا أَراهُ الدَّهْرَ إِلاّ لاهِياً ... فِي تَمَادِيْهِ فَقَدْ بَرّحَ بِي
يَا قَرِينَ السُّوء مَا هَذَا الصِّبا ... فَنِيَ العُمر كَذَا فِي اللَّعِبِ (?)
وشَبَابٌ بَانَ (?) عَنِّي فمَضَى ... قَبْلَ أَن أَقْضِيَ مِنْهُ أَرَبِي
مَا أُرجّي (?) بَعْدَهُ إِلا الفَنَا ... ضَيَّقَ الشَّيْبُ عَلَيّ مَطْلَبي