والحائض لا تطلب بِالصَّلَاةِ الْمُخَاطَبِ بِهَا فِي حَالِ حَيْضِهَا، وَلَا مَا أَشبه ذَلِكَ.

فَمَنْ رأَى أَن التَّكْلِيفَ قَدْ يَرْفَعُهُ الْبُلُوغُ إِلَى مَرْتَبَةٍ مَّا مِنْ مَرَاتِبِ الدِّينِ ـ كَمَا يَقُولُهُ أَهل الْإِبَاحَةِ ـ، كَانَ قَوْلُهُ بِدَعَةً مُخْرِجَةً عَنِ الدِّينِ (?).

وَمِنْهُ دَعَاوَى أَهل الْبِدَعِ عَلَى الأَحاديث الصَّحِيحَةِ مُنَاقَضَتُهَا لِلْقُرْآنِ، أَوْ مُنَاقِضَةُ بَعْضِهَا بَعْضًا، وَفَسَادُ مَعَانِيهَا، أَو مُخَالَفَتُهَا لِلْعُقُولِ، كَمَا حَكَمُوا بِذَلِكَ فِي قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ للمتحاكِمَيْن إِلَيْهِ: "وَالَّذِي نفسي بيده! لأَقضينَّ بينكما بكتاب الله: مائة الشَّاةِ وَالْخَادِمُ ردٌّ عَلَيْكَ، وَعَلَى ابْنِكَ جَلْدُ مِائَةٍ وَتَغْرِيبُ عَامٍ، وَعَلَى امْرَأَةِ هَذَا (?) الرَّجْمُ، واغْدُ يَا أُنَيْسُ (?)! عَلَى امرأَة هَذَا، فَإِنِ اعْتَرَفَتْ فَارْجُمْهَا"، فَغَدَا عَلَيْهَا فَاعْتَرَفَتْ، فَرَجَمَهَا (?).

قَالُوا: هَذَا مُخَالِفٌ لِكِتَابِ اللَّهِ؛ لأَنه قَضَى بِالرَّجْمِ وبالتغريب، وَلَيْسَ لِلرَّجْمِ وَلَا لِلتَّغْرِيبِ فِي كِتَابِ اللَّهِ ذَكَرَ، فَإِنْ كَانَ الْحَدِيثُ بَاطِلًا فَهُوَ مَا أَردنا، وإِن كَانَ حَقًا فَقَدْ نَاقَضَ كِتَابَ اللَّهِ بِزِيَادَةِ الرَّجْمِ وَالتَّغْرِيبِ.

فَهَذَا اتِّبَاعٌ لِلْمُتَشَابِهِ (?)؛ لأَن الْكِتَابَ فِي كَلَامِ الْعَرَبِ وَفِي الشَّرْعِ أيضاً (?) يتصَرَّف عَلَى وُجُوهٍ: مِنْهَا الْحُكْمُ وَالْفَرْضُ؛ كَقَوْلِهِ تَعَالَى: {كِتَابَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ} (?)، وقال تعالى: {كُتِبَ عَلَيْكُمُ الصِّيَامُ} (?)، {وَقَالُوا رَبَّنَا لِمَ كَتَبْتَ عَلَيْنَا الْقِتَالَ} (?)، فَكَانَ الْمَعْنَى: لأَقضين بَيْنَكُمَا بِكِتَابِ اللَّهِ؛ أَي: بِحُكْمِ اللَّهِ الَّذِي شُرِّعَ لَنَا، كَمَا أَن الكتاب يطلق على القرآن، فتخصيصهم

طور بواسطة نورين ميديا © 2015