فَالْعَقْلِيُّ: أَن صِفَةَ الْكَلَامِ مِنْ جُمْلَةِ الصِّفَاتِ، وذات الله تعالى عندهم بريئة من التركيب جملة، وإثبات صفات للذات (?) قَوْلٌ بِتَرْكِيبِ الذَّاتِ، وَهُوَ مُحَالٌ؛ لأَنه وَاحِدٌ عَلَى الإِطلاق، فَلَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مُتَكَلِّمًا بِكَلَامٍ قَائِمٍ بِهِ، كَمَا لَا يَكُونُ قَادِرًا بِقُدْرَةٍ قَائِمَةٍ بِهِ، أَو عَالِمًا بِعِلْمٍ قَائِمٍ بِهِ، إِلَى سَائِرِ الصِّفَاتِ.
وأَيضاً فَالْكَلَامُ لَا يُعْقَلُ إِلَّا بأَصوات وَحُرُوفٍ، وَكُلُّ ذَلِكَ مِنْ صِفَاتِ الْمُحْدَثَاتِ، وَالْبَارِي مُنَزَّه عَنْهَا.
وَبَعْدَ هَذَا الأَصل يَرْجِعُونَ إِلَى تأْويل قَوْلِهِ سُبْحَانَهُ: {وَكَلَّمَ اللَّهُ مُوسَى تَكْلِيمًا} (?) وأَشباهه.
وأَما السَّمْعي (?): فَنَحْوُ قَوْلِهِ تَعَالَى: {اللَّهُ خَالِقُ كُلِّ شَيْءٍ} (?)، وَالْقُرْآنُ إِما (?) أَن يَكُونَ شَيْئًا، أَو لَا شَيْءَ، وَلَا شَيْءٌ عَدَمٌ، وَالْقُرْآنُ ثَابِتٌ، هَذَا خِلْفٌ. وَإِنْ كَانَ شَيْئًا فَقَدْ شَمِلَتْهُ الْآيَةُ، فَهُوَ إِذًا مَخْلُوقٌ، وَبِهَذَا اسْتَدَلَّ الْمَرِيسِيُّ عَلَى عبد العزيز المكِّي رحمه الله تعالى (?).
وَهَاتَانِ الشُّبْهَتَانِ أَخذٌ فِي التعلُّق بِالْمُتَشَابِهَاتِ، فإِنهم قَاسُوا (?) الْبَارِي عَلَى البريَّة، وَلَمْ يَعْقِلُوا مَا وَرَاءَ ذَلِكَ، فَتَرَكُوا مَعَانِيَ الْخِطَابِ، وَقَاعِدَةَ الْعُقُولِ.
أَما تَرْكُهُمْ لِلْقَاعِدَةِ: فَلَمْ يَنْظُرُوا فِي قَوْلِهِ تعالى: {لَيْسَ كَمِثْلِهِ شَيْءٌ} (?)، وهذه الآية نقلية عَقْلِيَّةٌ؛ لأَن الْمُشَابِهَ (?) لِلْمَخْلُوقِ فِي وَجْهٍ مَا مَخْلُوقٌ مِثْلُهُ؛ إِذْ مَا وَجَبَ للشيءِ وَجَبَ لمثله، فكما تكون الآية دليلاً على