عَلَيْهِ بِقَوْلِهِ: {وَلَقَدْ جَاءَهُمْ مِنْ رَبِّهِمُ الْهُدَى} (?)، وَلِذَلِكَ أَثْبَتَ ذَمَّهُ (?)، بِخِلَافِ الظَّنِّ الَّذِي أَثَارَهُ دَلِيلٌ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَذْمُومٍ فِي الْجُمْلَةِ؛ لأَنه خَارِجٌ عَنِ اتِّبَاعِ الْهَوَى، وَلِذَلِكَ أُثبت وعُمل بِمُقْتَضَاهُ حَيْثُ يَلِيقُ الْعَمَلُ بِمِثْلِهِ؛ كَالْفُرُوعِ.

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الظَّنَّ عَلَى ضَرْبَيْنِ:

1 ـ ظَنٌّ يَسْتَنِدُ إِلَى أَصْلٍ قَطْعِيٍّ، وَهَذِهِ (?) هِيَ الظُّنُونُ الْمَعْمُولُ بِهَا في الشريعة أينما وقعت؛ لأنها إذا (?) اسْتَنَدَتْ إِلَى أَصل مَعْلُومٍ، فَهِيَ مِنْ قَبِيلِ المعلوم، ومن جِنْسُهُ (?).

2 ـ وَظَنٌّ لَا يَسْتَنِدُ إِلَى قَطْعِيٍّ، بَلْ إِمَّا مُسْتَنِدٌ إِلَى غَيْرِ شيءٍ (?) أَصْلًا، وَهُوَ مَذْمُومٌ ـ كَمَا تَقَدَّمَ ـ، وَإِمَّا مُسْتَنِدٌ إِلَى ظَنٍّ مثله، فذلك الظَّنُّ إِنِ اسْتَنَدَ أَيضاً إِلَى قَطْعِيٍّ، فكالأَول، أَو إِلى ظَنِيٍّ (?)، رَجَعْنَا إِلَيْهِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَسْتَنِدَ إِلَى قَطْعِيٍّ، وَهُوَ مَحْمُودٌ، أَو إِلى غَيْرِ شيءٍ، وَهُوَ مَذْمُومٌ.

فَعَلَى كُلِّ تَقْدِيرٍ: كُلُّ خَبَرِ واحدٍ صَحَّ سَنَدُهُ، فَلَا بُدَّ مِنَ اسْتِنَادِهِ إِلَى أَصل فِي الشَّرِيعَةِ قَطْعِيٍّ، فَيَجِبُ قَبُولُهُ، وَمِنْ هُنَا قَبِلْنَاهُ مُطْلَقًا (?)، كَمَا أَنَّ ظُنُونَ الْكُفَّارِ غَيْرُ مُسْتَنِدَةٍ إِلَى شيءٍ، فَلَا بُدَّ مِنْ رَدِّهَا وَعَدَمِ اعْتِبَارِهَا، وَهَذَا الْجَوَابُ الأَخير مُسْتَمَدٌّ مَنْ أَصلٍ وَقَعَ بَسْطُهُ فِي كِتَابِ "الْمُوَافَقَاتِ" (?) وَالْحَمْدُ لِلَّهِ.

وَلَقَدْ بالغ بعض الغالين (?) فِي رَدِّ الْأَحَادِيثِ، وَرَدِّ قَوْلِ مَنِ اعْتَمَدَ عَلَى مَا فِيهَا (?)، حَتَّى عَدُّوا الْقَوْلَ بِهِ مُخَالِفًا لِلْعَقْلِ، وَالْقَائِلَ بِهِ مَعْدُودًا (?) فِي الْمَجَانِينِ.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015