ثُمَّ تَرْجِعَ إِلى الْجَيْشِ، لَا أَن (?) السَّرِيَّةَ هي الجيش بعينه، ولا التفت (?) أَيضاً إِلى أَن (?) النَّفْلَ عِنْدَ مَالِكٍ لَا يَكُونُ إِلا مِنَ الْخُمُسِ (?)، لَا اخْتِلَافَ عَنْهُ فِي ذَلِكَ أَعلمه، وَلَا عَنْ أَحد مِنْ أَصحابه، فَمَا نَفَلَ الإِمام مِنْهُ فَهُوَ جَائِزٌ؛ لأَنه محمول على الاجتهاد.
وكذلك الأَمر أَبداً (?) في كل مسأَلة يُتَّبع فِيهَا الْهَوَى أَولاً، ثُمَّ يَطْلُبُ لَهَا الْمَخْرَجَ مِنْ كَلَامِ الْعُلَمَاءِ، أَو مِنْ أَدلة الشَّرْعِ. وكلام العرب أَبداً ـ لاتساعه وتصرفه ـ يحتمل أَنحاء (?) كَثِيرَةٌ، لَكِنْ يَعْلَمُ الرَّاسِخُونَ الْمُرَادَ مِنْهُ مِنْ أَوّله، أَو (?) آخره، أَو فحواه (?)، أَو بِسَاطِ حَالِهِ، أَو قَرَائِنِهِ. فَمَنْ لَا يَعْتَبِرُهُ مِنْ أَوله إِلى آخِرِهِ وَيَعْتِبَرُ مَا ابْتَنَى (?) عَلَيْهِ زَلَّ فِي فَهْمِهِ. وَهُوَ شأْن مَنْ يأْخذ الأَدلة مِنْ أَطراف الْعِبَارَةِ الشَّرْعِيَّةِ وَلَا يَنْظُرُ بَعْضَهَا بِبَعْضٍ، فَيُوشِكُ أَن يَزِلَّ. وَلَيْسَ هَذَا مِنْ شأْن الرَّاسِخِينَ، وإِنما هُوَ مِنْ شأْن مَنِ اسْتَعْجَلَ (?) طَلَبًا لِلْمَخْرَجِ فِي دَعْوَاهُ.
فَقَدْ حَصَلَ مِنَ الْآيَةِ الْمَذْكُورَةِ: أَن الزَّيْغَ (?) لَا يَجْرِي عَلَى طَرِيقِ الرَّاسِخِ بِغَيْرِ حُكْمِ الِاتِّفَاقِ، وأَن الرَّاسِخَ لَا زَيْغَ مَعَهُ بالقصد البتّة.