وَذَوَاتِ الْمَلَائِكَةِ وَالشَّيَاطِينِ، وَالنُّفُوسِ الْإِنْسَانِيَّةِ وَالْحَيَوَانِيَّةِ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ، وَهُوَ بِلَا شَكٍّ بِدْعَةٌ مَذْمُومَةٌ إِنْ وَقَعَ النَّظَرُ فِيهِ، وَالْكَلَامُ عَلَيْهِ بِقَصْدِ جَعْلِهِ عِلْمًا يُنْظَرُ فِيهِ، وَفَنًّا يُشْتَغَلُ بِتَحْصِيلِهِ بِتَعَلُّمٍ أَوْ رِيَاضَةٍ، فَإِنَّهُ لَمْ يُعْهَدْ مِثْلُهُ فِي السَّلَفِ الصَّالِحِ.
وَهُوَ فِي الْحَقِيقَةِ نَظَرٌ فَلْسَفِيٌّ، إِنَّمَا يَشْتَغِلُ بِاسْتِجْلَابِهِ، وَالرِّيَاضَةِ لِاسْتِفَادَتِهِ أَهْلُ الْفَلْسَفَةِ الْخَارِجُونَ عَنِ السُّنَّةِ، الْمَعْدُودُونَ (?) فِي الْفَرْقِ الضَّالَّةِ، فَلَا يَكُونُ الْكَلَامُ فِيهِ مُبَاحًا، فَضْلًا عَنْ أَنْ يَكُونَ مَنْدُوبًا إِلَيْهِ.
نَعَمْ قَدْ يَعْرِضُ مِثْلُهُ (?) لِلسَّالِكِ، فَيَتَكَلَّمُ فِيهِ مَعَ الْمُرَبِّي حَتَّى يُخْرِجَهُ عَنْ طَرِيقِهِ، وَيُبْعِدَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَرِيقِهِ، لِمَا فِيهِ مِنْ إِمَالَةِ مَقْصِدِ (?) السَّالِكِ إِلَى أَنْ يَعْبُدَ اللَّهَ عَلَى حَرْفٍ، زِيَادَةً إِلَى الْخُرُوجِ عَنِ الطَّرِيقِ الْمُسْتَقِيمِ بِتَتَبُّعِهِ وَالِالْتِفَاتِ إِلَيْهِ، إِذِ الطَّرِيقُ مَبْنِيٌّ عَلَى الْإِخْلَاصِ التَّامِّ بِالتَّوَجُّهِ الصَّادِقِ، وَتَجْرِيدِ التَّوْحِيدِ عَنْ الِالْتِفَاتِ (?) إِلَى (?) الْأَغْيَارِ، وَفَتْحِ بَابِ الْكَلَامِ (?) فِي هَذَا الضَّرْبِ مضاد لذلك كله.
والضرب (?) الرابع: يَرْجِعُ إِلَى النَّظَرِ فِي حَقِيقَةِ الْفَنَاءِ، مِنْ حَيْثُ الدُّخُولُ فِيهِ، وَالِاتِّصَافُ بِأَوْصَافِهِ، وَقَطْعُ أَطْمَاعِ النَّفْسِ عَنْ كُلِّ جِهَةٍ (?) تُوَصِّلُ إِلَى غَيْرِ الْمَطْلُوبِ، وَإِنْ دَقَّتْ، فَإِنَّ أَهْوَاءَ النُّفُوسِ تَدُقُّ وَتَسْرِي مَعَ السَّالِكِ فِي الْمَقَامَاتِ، فَلَا يَقْطَعُهَا إِلَّا مَنْ حَسَمَ مَادَّتَهَا، وَبَتَّ طَلَاقَهَا، وَهُوَ بَابُ الْفَنَاءِ الْمَذْكُورِ.
وَهَذَا نَوْعٌ مِنْ أَنْوَاعِ الْفِقْهِ الْمُتَعَلِّقِ بِأَهْوَاءِ النُّفُوسِ، وَلَا يُعَدُّ مِنَ البدع