وَإِنَّمَا مَحْصُولُ هَؤُلَاءِ (?) أَنَّهُمْ خَالَفُوا رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَخَالَفُوا السَّلَفَ الصَّالِحَ، وَخَالَفُوا شُيُوخَ الطَّرِيقَةِ الَّتِي انْتَسَبُوا إِلَيْهَا، وَلَا تَوْفِيقَ إِلَّا بِاللَّهِ.
وَأَمَّا الْمَدَارِسُ: فَلَا (?) يَتَعَلَّقُ (?) بِهَا أَمْرٌ تَعَبُّدِيٌّ يُقَالُ فِي (?) مِثْلِهِ (?) بِدْعَةٌ إِلَّا عَلَى فَرْضِ أَنْ يَكُونَ مِنَ السُّنَّةِ أَنْ لَا يُقْرَأَ الْعِلْمُ إِلَّا بِالْمَسَاجِدِ (?)، وَهَذَا (?) لَا يُوجَدُ، بَلِ الْعِلْمُ كَانَ فِي الزَّمَانِ الْأَوَّلِ يُبَثُّ بِكُلِّ (?) مَكَانٍ مِنْ مَسْجِدٍ أَوْ مَنْزِلٍ، أَوْ سَفَرٍ، أَوْ حَضَرٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، حَتَّى فِي الْأَسْوَاقِ.
فَإِذَا أَعَدَّ أَحَدٌ من الناس (لقراءة العلم) (?) مَدْرَسَةً يُعِينُ (?) بِإِعْدَادِهَا الطَّلَبَةَ، فَلَا يَزِيدُ ذَلِكَ على إعداده (?) له (?) مَنْزِلًا مِنْ مَنَازِلِهِ، أَوْ حَائِطًا مِنْ حَوَائِطِهِ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ، فَأَيْنَ مَدْخَلُ الْبِدْعَةِ هُاهُنَا؟
وَإِنْ قِيلَ: إِنَّ الْبِدْعَةَ فِي تَخْصِيصِ ذَلِكَ الموضع (?) دون غيره، فالتخصيص (?) هَاهُنَا لَيْسَ بِتَخْصِيصٍ تَعْبُدِيٍّ، وَإِنَّمَا هُوَ (?) تَعْيِينٌ بِالْحَبْسِ، كَمَا تَتَعَيَّنُ سَائِرُ الْأَمْوَالِ (?) الْمُحْبَسَةِ، وَتَخْصِيصُهَا لَيْسَ بِبِدْعَةٍ، فَكَذَلِكَ مَا نَحْنُ فِيهِ، بِخِلَافِ الربط، فإنها خصت تشبيهاً بالصُّفَّة، فهما (?) لِلتَّعَبُّدِ، فَصَارَتْ تَعَبُّدِيَّةً بِالْقَصْدِ وَالْعُرْفِ، حَتَّى إِنَّ سَاكِنِيهَا مُبَايِنُونَ لِغَيْرِهِمْ فِي النِّحْلَةِ وَالْمَذْهَبِ وَالزِّيِّ والاعتقاد.