غَيْرُهُمْ (?)، مِمَّنْ كَانَ لَهُ (?) أَهْلٌ وَمَالٌ، مِنْ طَلَبِ (?) الْمَعَاشِ (?) وَاتِّخَاذِ الْمَسْكَنِ (?)، لِأَنَّ الْعُذْرَ الَّذِي حَبَسَهُمْ فِي الصُّفَّةِ قَدْ زَالَ، فَرَجَعُوا (?) إِلَى الأصل لما زال العارض.
فالذي تحصل (?) أَنَّ الْقُعُودَ فِي الصُّفَّةِ لَمْ يَكُنْ مَقْصُودًا لِنَفْسِهِ، وَلَا بِنَاءَ الصُّفَّةِ لِلْفُقَرَاءِ مَقْصُودًا بِحَيْثُ يُقَالُ: إِنَّ ذَلِكَ مَنْدُوبٌ إِلَيْهِ لِمَنْ قَدَرَ عَلَيْهِ، وَلَا هِيَ رُتْبَةٌ (?) شَرْعِيَّةٌ تُطْلَبُ بِحَيْثُ يُقَالُ: إِنَّ تَرْكَ الِاكْتِسَابِ، وَالْخُرُوجَ عَنِ الْمَالِ، وَالِانْقِطَاعَ إِلَى الزَّوَايَا يُشْبِهُ حَالَةَ أَهْلِ الصُّفَّةِ، وَهِيَ الرُّتْبَةُ (?) الْعُلْيَا، لِأَنَّهَا (?) تَشَبُّهٌ بِأَهْلِ صُفَّةِ رَسُولِ اللَّهِ (صَلَّى اللَّهُ) (?) عَلَيْهِ وَسَلَّمَ الَّذِينَ (?) وَصَفَهُمُ اللَّهُ تَعَالَى فِي الْقُرْآنِ بِقَوْلِهِ: {وَلاَ تَطْرُدِ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ} (?) الْآيَةَ (?)، وَقَوْلِهِ: {وَاصْبِرْ نَفْسَكَ مَعَ الَّذِينَ يَدْعُونَ رَبَّهُمْ بِالْغَدَاةِ وَالْعَشِيِّ} (?) الْآيَةَ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ عَلَى مَا زَعَمَ هَؤُلَاءِ، بَلْ كَانَ عَلَى مَا تَقَدَّمَ.
والدليل (على ذلك) (?) من العمل أن القعود (?) بِالصُّفَّةِ لَمْ يَدُمْ، وَلَمْ يُثَابِرْ أَهْلُهَا وَلَا غَيْرُهُمْ عَلَى الْبَقَاءِ فِيهَا، وَلَا عُمِّرَتْ بَعْدَ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، وَلَوْ كَانَ مِنْ قَصْدِ الشَّارِعِ ثُبُوتُ تِلْكَ الْحَالَةِ، لَكَانُوا هُمْ أَحَقَّ بِفَهْمِهَا أَوَّلًا، ثُمَّ بِإِقَامَتِهَا وَالْمُكْثِ فِيهَا عَنْ كُلِّ شُغْلٍ، وَأَوْلَى بِتَجْدِيدِ مَعَاهِدِهَا، لكنهم لم يفعلوا ذلك البتة.