وَمِنْهُمْ مَنْ فَرَّ بِنَفْسِهِ وَلَمْ يَقْدِرْ عَلَى اسْتِخْلَاصِ شَيْءٍ مِنْ مَالِهِ، فَقَدِمَ الْمَدِينَةَ صِفْرَ الْيَدَيْنِ.
وَكَانَ الْغَالِبُ عَلَى أَهْلِ الْمَدِينَةِ الْعَمَلَ فِي حَوَائِطِهِمْ وَأَمْوَالِهِمْ بِأَنْفُسِهِمْ، فَلَمْ يَكُنْ لِغَيْرِهِمْ معهم كبير فضل في العمل.
فكان (?) مِنَ الْمُهَاجِرِينَ مَنْ أَشْرَكَهُمُ الْأَنْصَارُ فِي أَمْوَالِهِمْ، وَهُمُ الْأَكْثَرُونَ، بِدَلِيلِ قِصَّةِ بَنِي (?) النَّضِيرِ، فَإِنَّ ابْنِ عَبَّاسٍ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا قَالَ: (لَمَّا افْتَتَحَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ بَنِيَ النَّضِيرِ قَالَ لِلْأَنْصَارِ: "إِنْ شِئْتُمْ قَسَّمْتُهَا بَيْنَ الْمُهَاجِرِينَ، وَتَرَكْتُمْ نَصِيبَكُمْ فِيهَا (?)، وَخَلَّى الْمُهَاجِرُونَ (?) بَيْنَكُمْ وَبَيْنَ دُورِكُمْ وَأَمْوَالِكُمْ، فَإِنَّهُمْ عِيَالٌ عَلَيْكُمْ"، فَقَالُوا: نَعَمْ، فَفَعَلَ ذَلِكَ نَبِيُّ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ، غَيْرَ أَنَّهُ أَعْطَى أَبَا دُجَانَةَ وَسَهْلَ بْنَ حُنَيْفٍ، وَذَكَرَ أَنَّهُمْ (?) فَقُرَاءُ) (?).
وَقَدْ قَالَ الْمُهَاجِرُونَ أَيْضًا لِرَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: (يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا رَأَيْنَا قَوْمًا أَبْذَلَ مِنْ كَثِيرٍ، وَلَا أَحْسَنَ مُوَاسَاةً مِنْ قَلِيلٍ، مِنْ قَوْمٍ نَزَلْنَا بَيْنَ أَظْهُرِهِمْ ـ يَعْنِي الْأَنْصَارَ ـ لَقَدْ كَفَوْنَا الْمُؤْنَةَ، وَأَشْرَكُونَا فِي الْمَهْنَأِ، حَتَّى لَقَدْ خِفْنَا أَنْ يَذْهَبُوا بِالْأَجْرِ كُلِّهِ)، فَقَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "لَا (?)، مَا دَعَوْتُمُ اللَّهَ لَهُمْ، وَأَثْنَيْتُمْ عليهم" (?).