فَقَالَ: (أَوَّلُهَا كِبْرٌ وَآخِرُهَا (?) بَغْيٌ) (?).

وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ السَّلَفِ قَالَ: "النَّحْوُ يُذْهِبُ الْخُشُوعَ مِنَ القلب، ومن (?) أَرَادَ أَنْ يَزْدَرِيَ النَّاسَ كُلَّهُمْ فَلْيَنْظُرْ فِي النحو"، ونقل نحواً (?) من هذا (?).

وَهَذِهِ كُلُّهَا لَا دَلِيلَ فِيهَا عَلَى الذَّمِّ، لِأَنَّهُ لَمْ يُذَمَّ النَّحْوُ مِنْ حَيْثُ هُوَ بِدْعَةٌ، بَلْ مِنْ حَيْثُ مَا يُكْتَسَبُ بِهِ أَمْرٌ زَائِدٌ، كَمَا يُذَمُّ سَائِرُ عُلَمَاءِ السُّوءِ، لَا لِأَجْلِ عُلُومِهِمْ، بَلْ لِأَجْلِ مَا يَحْدُثُ لَهُمْ بِالْعَرَضِ مِنَ الْكِبْرِ بِهِ وَالْعُجْبِ وَغَيْرِهِمَا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ ذَلِكَ كَوْنُ الْعِلْمِ بِدْعَةً، فَتَسْمِيَةُ الْعُلُومِ الَّتِي يُكْتَسَبُ بِهَا أَمْرٌ مَذْمُومٌ بِدَعًا، إِمَّا عَلَى الْمَجَازِ الْمَحْضِ، مِنْ حَيْثُ لم يحتج إليها أولاً، ثم احتيج إليها (?) بَعْدُ، أَوْ مِنْ عَدَمِ الْمَعْرِفَةِ بِمَوْضُوعِ الْبِدْعَةِ، إِذْ مِنَ الْعُلُومِ الشَّرْعِيَّةِ مَا يُدَاخِلُ صَاحِبَهَا الْكِبْرُ وَالزَّهْوُ وَغَيْرُهُمَا، وَلَا يَعُودُ ذَلِكَ عَلَيْهَا بذم.

ومما حكى هذا (?) الْمُتَصَوِّفَةِ (?) عَنْ بَعْضِ عُلَمَاءِ الْخَلَفِ، قَالَ: (الْعُلُومُ تِسْعَةٌ، أَرْبَعَةٌ مِنْهَا سُنَّةٌ مَعْرُوفَةٌ مِنَ الصَّحَابَةِ وَالتَّابِعِينَ، وَخَمْسَةٌ مُحْدَثَةٌ لَمْ تَكُنْ تُعْرَفُ فِيمَا سلف، قال (?): فَأَمَّا الْأَرْبَعَةُ الْمَعْرُوفَةُ: فَعِلْمُ الْإِيمَانِ وَعِلْمُ الْقُرْآنِ، وَعِلْمُ الْآثَارِ، وَالْفَتَاوَى، وَأَمَّا الْخَمْسَةُ الْمُحْدَثَةُ: فَالنَّحْوُ، وَالْعَرُوضُ، وَعِلْمُ الْمَقَايِيسِ (?)، وَالْجَدَلِ فِي الْفِقْهِ، وَعِلْمُ الْمَعْقُولِ بِالنَّظَرِ). انْتَهَى (?).

وَهَذَا ـ إِنْ صَحَّ نَقْلُهُ ـ فَلَيْسَ أَوَّلًا كَمَا قَالَ، فَإِنَّ أَهْلَ الْعَرَبِيَّةِ يحكون

طور بواسطة نورين ميديا © 2015