الْقَوَاعِدِ، وَلَمَّا بَنَى عَلَى اعْتِمَادِ تِلْكَ الْقَوَاعِدِ اسْتَوَتْ عِنْدَهُ مَعَ الْأَعْمَالِ الدَّاخِلَةِ تَحْتَ النُّصُوصِ الْمُعَيَّنَةِ، وَصَارَ مِنَ الْقَائِلِينَ بِالْمَصَالِحِ الْمُرْسَلَةِ، وَسَمَّاهَا بِدَعًا فِي اللَّفْظِ، كَمَا سَمَّى عُمَرُ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ الْجَمْعَ فِي قِيَامِ رَمَضَانَ فِي الْمَسْجِدِ بِدْعَةً (?)، كَمَا سَيَأْتِي إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
أَمَّا الْقَرَافِيُّ فَلَا عُذْرَ لَهُ فِي نَقْلِ تِلْكَ الْأَقْسَامِ عَلَى غَيْرِ مُرَادِ شَيْخِهِ وَلَا عَلَى مُرَادِ النَّاسِ، لِأَنَّهُ خَالَفَ الْكُلَّ فِي ذَلِكَ التَّقْسِيمِ فَصَارَ مُخَالِفًا لِلْإِجْمَاعِ (?).
ثُمَّ نَقُولُ: أَمَّا قِسْمُ الْوَاجِبِ فَقَدْ تَقَدَّمَ مَا فِيهِ آنِفًا فَلَا نُعِيدُهُ (?)، وَأَمَّا قِسْمُ التَّحْرِيمِ فَلَيْسَ فِيهِ مَا هُوَ بِدْعَةٌ هَكَذَا بِإِطْلَاقٍ، بَلْ ذَلِكَ كُلُّهُ مُخَالَفَةٌ لِلْأَمْرِ الْمَشْرُوعِ، فَلَا يَزِيدُ عَلَى تَحْرِيمِ أَكْلِ الْمَالِ بِالْبَاطِلِ إِلَّا من جهة كونه موضوعاً على وزان الْأَحْكَامِ الشَّرْعِيَّةِ اللَّازِمَةِ، كَالزَّكَوَاتِ الْمَفْرُوضَةِ، وَالنَّفَقَاتِ الْمُقَدَّرَةِ، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ فِي مَوْضِعِهِ إِنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (?)، وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي الْبَابِ الْأَوَّلِ منه طرف (?).
فإذن لَا يَصِحُّ أَنْ يُطْلَقَ الْقَوْلُ فِي هَذَا القسم بأنه بدعة دون أن يقسم الأمر في ذلك.
وَأَمَّا قِسْمُ الْمَنْدُوبِ فَلَيْسَ مِنِ الْبِدَعِ بِحَالٍ، ويتبين (?) ذَلِكَ بِالنَّظَرِ فِي الْأَمْثِلَةِ الَّتِي مَثَّلَ لَهَا (?) فصلاة (?) التراويح في رمضان جماعة في المسجد، قد (?) قام بها رسول الله (?) صلى الله عليه وسلم في المسجد، واجتمع الناس خلفه.