الموطأ بأصل سماعي، وإنما علل بأمر مصلحي (?)، وَفِي مَذْهَبِهِ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلُ كَثِيرَةٌ (?).
فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ جَائِزًا، مَعَ أَنَّهُ مُخْتَرَعٌ، فَلِمَ لَا يَجُوزُ مِثْلُهُ وَقَدِ اجْتَمَعَا فِي الْعِلَّةِ؟ لِأَنَّ الْجَمِيعَ مَصَالِحُ مُعْتَبَرَةٌ فِي الْجُمْلَةِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ جَائِزًا، فَلِمَ اجْتَمَعُوا عَلَى جُمْلَةٍ مِنْهَا (?)، وَفَرَّعَ غَيْرُهُمْ عَلَى بَعْضِهَا (?)؟ وَلَا يَبْقَى إِلَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّهُمْ يتابعون على ما عمل به (?) هؤلاء منها (?) دُونَ غَيْرِهِ (?)، وَإِنِ اجْتَمَعَا فِي الْعِلَّةِ الْمُسَوِّغَةِ لِلْقِيَاسِ. وَعِنْدَ ذَلِكَ يَصِيرُ الِاقْتِصَارُ تَحَكُّمًا، وَهُوَ بَاطِلٌ، فَمَا أَدَّى إِلَيْهِ مِثْلُهُ، فَثَبَتَ أَنَّ الْبِدَعَ تَنْقَسِمُ (?).
"فَالْجَوَابُ" وَبِاللَّهِ التَّوْفِيقُ أَنْ نَقُولَ:
أَمَّا الْوَجْهُ الْأَوَّلُ، فَإِنَّ (?) قَوْلَهُ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً" الْحَدِيثَ، ليس الْمُرَادُ بِهِ الِاخْتِرَاعَ أَلْبَتَّةَ، وَإِلَّا لَزِمَ مِنْ ذَلِكَ التَّعَارُضُ بَيْنَ الْأَدِلَّةِ الْقَطْعِيَّةِ، إِنْ زَعَمَ مُورِدُ السُّؤَالِ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنَ الدَّلِيلِ مَقْطُوعٌ بِهِ، فَإِنْ زَعَمَ أَنَّهُ مَظْنُونٌ فَمَا تَقَدَّمَ مِنَ الدَّلِيلِ عَلَى ذَمِّ الْبِدَعِ مَقْطُوعٌ به، فيلزم منه (?) التَّعَارُضُ بَيْنَ الْقَطْعِيِّ وَالظَّنِّيِّ، وَالِاتِّفَاقُ مِنَ الْمُحَقِّقِينَ (أن لا تعارض بينهما لسقوط الظني وعدم اعتباره، فلم يبق إلا أن يقال إنه من قبيل العام والخاص، ولا تعارض بينهما عند المحققين) (?) ولكن لا دليل (?) فيه من وجهين: