فَإِنْ قِيلَ: كَيْفَ هَذَا؟ وَقَدْ ثَبَتَ فِي الشَّرِيعَةِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَخْصِيصِ تِلْكَ الْعُمُومَاتِ، وَتَقْيِيدِ تِلْكَ الْمُطْلَقَاتِ، وَفَرَّعَ الْعُلَمَاءُ مِنْهَا كَثِيرًا مِنَ الْمَسَائِلِ، وَأَصَّلُوا مِنْهَا أُصُولًا يُحْتَذَى حَذْوُهَا، عَلَى وَفْقِ مَا ثَبَتَ نَقْلُهُ، إِذِ الظَّوَاهِرُ تَخْرُجُ عَلَى (?) مُقْتَضَى ظُهُورِهَا بِالِاجْتِهَادِ، وَبِالْحَرِيِّ إِنْ كَانَ مَا يُسْتَنْبَطُ بِالِاجْتِهَادِ مَقِيسًا عَلَى مَحَلِّ التَّخْصِيصِ، فَلِذَلِكَ قَسَّمَ النَّاسُ الْبِدَعَ، وَلَمْ يَقُولُوا بِذَمِّهَا عَلَى الْإِطْلَاقِ.
وَحَاصِلُ مَا ذَكَرُوا مِنْ ذَلِكَ يَرْجِعُ إِلَى أَوْجُهٍ:
أَحَدُهَا: مَا فِي الصَّحِيحِ مِنْ قَوْلِهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ سَنَّ سُنَّةً حَسَنَةً كَانَ لَهُ أَجْرُهَا وَأَجْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أُجُورِهِمْ شَيْئًا، وَمَنْ سَنَّ سُنَّةً سَيِّئَةً كَانَ عَلَيْهِ وِزْرُهَا وَوِزْرُ مَنْ عَمِلَ بِهَا، لَا يَنْقُصُ ذَلِكَ مِنْ أَوْزَارِهِمْ شَيْئًا" (?).
وَخَرَّجَ التِّرْمِذِيُّ وَصَحَّحَهُ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ دَلَّ عَلَى خَيْرٍ