لَا يَخْلُو الْمَنْسُوبُ إِلَى الْبِدْعَةِ أَنْ يَكُونَ مُجْتَهِدًا فِيهَا أَوْ مُقَلِّدًا. وَالْمُقَلِّدُ إِمَّا مُقَلِّدٌ مَعَ الْإِقْرَارِ بِالدَّلِيلِ الَّذِي زَعَمَهُ الْمُجْتَهِدُ دَلِيلًا، وَالْأَخْذُ فِيهِ بِالنَّظَرِ، وَإِمَّا مُقَلِّدٌ لَهُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ نَظَرٍ كَالْعَامِّيِّ الصِّرْفِ، فَهَذِهِ ثَلَاثَةُ أَقْسَامٍ:
فَالْقِسْمُ الْأَوَّلُ عَلَى ضَرْبَيْنِ:
أَحَدُهُمَا أَنْ يَصِحَّ كَوْنُهُ مُجْتَهِدًا، فَالِابْتِدَاعُ مِنْهُ لَا يَقَعُ إِلَّا فَلْتَةً، وَبِالْعَرَضِ لَا بِالذَّاتِ، وَإِنَّمَا تُسَمَّى غَلْطَةً أَوْ زَلَّةً، لِأَنَّ صَاحِبَهَا لَمْ يَقْصِدْ اتِّبَاعَ الْمُتَشَابِهِ ابْتِغَاءَ الْفِتْنَةِ، وَابْتِغَاءَ تَأْوِيلِ الْكِتَابِ، أَيْ لَمْ يَتَّبِعْ هَوَاهُ، وَلَا جَعَلَهُ عُمْدَةً (?). وَالدَّلِيلُ عَلَيْهِ أَنَّهُ إِذَا ظَهَرَ لَهُ الْحَقُّ أَذْعَنَ لَهُ، وَأَقَرَّ بِهِ.
وَمِثَالُهُ: مَا يُذْكَرُ عَنْ عَوْنِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُتْبَةَ (?) بْنِ مَسْعُودٍ (?) أَنَّهُ كَانَ يَقُولُ بِالْإِرْجَاءِ (?) ثُمَّ رَجَعَ عَنْهُ، وَقَالَ:
وَأَوَّلُ مَا أُفَارِقُ غَيْرَ شك (?)
أفارق ما يقول المرجئونا (?)