{وَجَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَالأَنْعَامِ نَصِيبًا} (?) الْآيَةَ. فَهَذَا تَشْرِيعٌ كَالْمَذْكُورِ قَبْلَ (?) هَذَا، ثُمَّ قَالَ: {وَكَذَلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلاَدِهِمْ شُرَكَاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَلِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ} (?) الآية، وَهُوَ تَشْرِيعٌ أَيْضًا بِالرَّأْيِ مِثْلُ الْأَوَّلِ، ثُمَّ قَالَ: {وَقَالُوا هَذِهِ أَنْعَامٌ وَحَرْثٌ حِجْرٌ لاَ يَطْعَمُهَا إِلاَّ مَنْ نَشَاءُ بِزَعْمِهِمْ} (?) إِلَى آخِرِهَا.
فَحَاصِلُ الْأَمْرِ أَنَّهُمْ قَتَلُوا أَوْلَادَهُمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ، وَحَرَّمُوا مَا أَعْطَاهُمُ اللَّهُ مِنَ الرِّزْقِ بِالرَّأْيِ عَلَى جِهَةِ التَّشْرِيعِ، فَلِذَلِكَ قَالَ تعالى: {قَدْ ضَلُّوا وَمَا كَانُوا مُهْتَدِينَ} (?).
ثُمَّ قَالَ تَعَالَى ـ بَعْدَ تَعْزِيرِهِمْ عَلَى هَذِهِ الْمُحَرَّمَاتِ الَّتِي حَرَّمُوهَا (?)، وَهِيَ مَا فِي قَوْلِهِ: {قُلْ آلذَكَرَيْنِ حَرَّمَ أَمِ الأُنْثَيَيْنِ أَمَّا اشْتَمَلَتْ عَلَيْهِ أَرْحَامُ الأُنْثَيَيْنِ نَبِّئُونِي} (?) ـ: (?) {فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَنْ افْتَرَى عَلَى اللَّهِ كَذِبًا لِيُضِلَّ النَّاسَ بِغَيْرِ عِلْمٍ إِنَّ اللَّهَ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ} (?).
وَقَوْلِهِ لَا يَهْدِي يَعْنِي أَنَّهُ يُضِلُّهُ.
وَالْآيَاتُ الَّتِي قَرَّرَ فِيهَا حَالَ الْمُشْرِكِينَ فِي إِشْرَاكِهِمْ أَتَى فِيهَا بِذِكْرِ الضَّلَالِ، لِأَنَّ حَقِيقَتَهُ أَنَّهُ (?) خُرُوجٌ عَنِ الصِّرَاطِ الْمُسْتَقِيمِ، لِأَنَّهُمْ وَضَعُوا آلِهَتَهُمْ لِتُقَرِّبَهُمْ إِلَى اللَّهِ زُلْفَى (فِي زَعْمِهِمْ، فَقَالُوا: {مَا نَعْبُدُهُمْ إِلاَّ لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (?)) (?)، فَوَضَعُوهُمْ مَوْضِعَ مَنْ يُتَوَسَّلُ بِهِ حَتَّى عَبَدُوهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ، إِذْ كَانَ أَوَّلُ وَضْعِهَا فيما ذكر العلماء صوراً لقوم يودونهم