مَهْدِيٍّ (?) ـ يَعْنِي الْمَدِينَةَ ـ فَصَلَّى وَوَضَعَ رِدَاءَهُ بَيْنَ يَدَيِ الصَّفِّ، فَلَمَّا (?) سَلَّمَ (?) الْإِمَامُ رَمَقَهُ النَّاسُ بِأَبْصَارِهِمْ، وَرَمَقُوا مَالِكًا، وَكَانَ قَدْ صَلَّى خَلْفَ الْإِمَامِ، فَلَمَّا سَلَّمَ قَالَ: مَنْ هَاهُنَا مِنَ الْحَرَسِ (?)؟ فَجَاءَهُ نَفْسَانِ، فَقَالَ: خُذَا صَاحِبَ هَذَا الثَّوْبِ فَاحْبِسَاهُ فَحُبِسَ، فَقِيلَ لَهُ: إِنَّهُ ابْنُ مَهْدِيٍّ، فَوَجَّهَ إِلَيْهِ، وَقَالَ لَهُ: أَمَا خِفْتَ اللَّهَ (?) وَاتَّقَيْتَهُ أَنْ وَضَعْتَ ثَوْبَكَ بَيْنَ يَدَيْكَ فِي الصَّفِّ، وَشَغَلْتَ الْمُصَلِّينَ بِالنَّظَرِ إِلَيْهِ، وَأَحْدَثْتَ فِي مَسْجِدِنَا شَيْئًا مَا كُنَّا نَعْرِفُهُ وَقَدْ قَالَ النَّبِيُّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "مَنْ أَحْدَثَ فِي مَسْجِدِنَا حَدَثًا فَعَلَيْهِ لَعْنَةُ اللَّهِ وَالْمَلَائِكَةِ وَالنَّاسِ أَجْمَعِينَ" (?)، فَبَكَى ابْنُ مَهْدِيٍّ وَآلَى عَلَى نَفْسِهِ أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ أَبَدًا فِي مَسْجِدِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ ولا في غيره (?).
وهذا غاية التَّوَقِّي وَالتَّحَفُّظِ فِي تَرْكِ إِحْدَاثِ مَا لَمْ يَكُنْ خَوْفًا مِنْ تِلْكَ اللَّعْنَةِ، فَمَا ظَنُّكَ بِمَا سِوَى وَضْعِ الثَّوْبِ؟
وَتَقَدَّمَ حَدِيثُ الطَّحَاوِيِّ (?) (سِتَّةٌ أَلْعَنُهُمْ، لَعَنَهُمُ اللَّهُ) (?)، فَذَكَرَ فِيهِمْ التَّارِكَ لسنته عليه الصلاة والسلام أخذاً بالبدعة.
وَأَمَّا أَنَّهُ يَزْدَادُ (?) مِنَ اللَّهِ بُعْدًا، فَلِمَا رُوِيَ عَنِ الْحَسَنِ أَنَّهُ قَالَ: (صَاحِبُ الْبِدْعَةِ ما يَزْدَادُ (?) اجْتِهَادًا (?)، صِيَامًا وَصَلَاةً (?)، إِلَّا ازْدَادَ مِنَ الله بعداً) (?).