بدعة يراها حسنة، فقد زَعَمَ أَنَّ مُحَمَّدًا صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ خَانَ الرِّسَالَةَ؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَقُولُ: {الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ} (?)، فَمَا لَمْ يَكُنْ يَوْمَئِذٍ دِينًا، فَلَا يَكُونُ الْيَوْمَ دِينًا" (?).

وَالثَّالِثُ: أَنَّ الْمُبْتَدِعَ مُعَانِدٌ لِلشَّرْعِ وَمَشَاقٌّ لَهُ؛ لِأَنَّ الشَّارِعَ قَدْ عيَّن لِمَطَالِبِ الْعَبْدِ طُرُقًا خَاصَّةً، عَلَى وُجُوهٍ خَاصَّةٍ، وَقَصَرَ الْخَلْقَ عَلَيْهَا بِالْأَمْرِ وَالنَّهْيِ، وَالْوَعْدِ وَالْوَعِيدِ، وَأَخْبَرَ أَنَّ الْخَيْرَ فِيهَا، وَأَنَّ الشَّرَّ فِي تعدِّيها، إلى غيرها (?)؛ لِأَنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ، وَنَحْنُ لَا نَعْلَمُ، وَأَنَّهُ إِنَّمَا أَرْسَلَ الرَّسُولَ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ رَحْمَةً لِلْعَالَمِينَ.

فَالْمُبْتَدِعُ رَادٌّ (?) لِهَذَا كُلِّهِ، فَإِنَّهُ يَزْعُمُ أَنَّ ثَمَّ طُرُقًا أُخَر، لَيْسَ (?) مَا حَصَرَهُ الشَّارِعُ بِمَحْصُورٍ، وَلَا مَا عَيَّنَهُ بمتعيِّن، وأن (?) الشَّارِعَ يَعْلَمُ وَنَحْنُ أَيْضًا نَعْلَمُ، بَلْ رُبَّمَا يَفْهَمُ مِنِ اسْتِدْرَاكِهِ الطُّرُقَ عَلَى الشَّارِعِ، أَنَّهُ عَلِمَ مَا لَمْ يَعْلَمْهُ الشَّارِعُ.

وَهَذَا إِنْ كَانَ مَقْصُودًا لِلْمُبْتَدِعِ، فَهُوَ كُفْرٌ بِالشَّرِيعَةِ وَالشَّارِعِ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَقْصُودٍ، فَهُوَ ضَلَالٌ مُبِينٌ.

وَإِلَى هَذَا الْمَعْنَى أَشَارَ عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ، إِذْ كَتَبَ لَهُ عَدِيُّ بْنُ أَرْطَأَةَ (?) يَسْتَشِيرُهُ فِي بَعْضِ الْقَدَرِيَّةِ (?)، فكتب إليه:

طور بواسطة نورين ميديا © 2015