وبينه (?) الْمُؤَالَفَةَ وَالْمُوَافَقَةَ وَلَوْ فِي بَعْضِ الْأَوْقَاتِ، أَوْ فِي بَعْضِ الْأَحْوَالِ، أَوْ عَلَى بَعْضِ الْوُجُوهِ، وَيَقْنَعُوا مِنْهُ بِذَلِكَ، لِيَقِفَ لَهُمْ بِتِلْكَ الْمُوَافَقَةِ وَاهِي بِنَائِهِمْ، فَأَبَى عَلَيْهِ الصَّلَاةُ وَالسَّلَامُ إِلَّا الثُّبُوتَ عَلَى مَحْضِ الْحَقِّ، وَالْمُحَافَظَةِ عَلَى خَالِصِ (?) الصَّوَابِ، وَأَنْزَلَ اللَّهُ {قُلْ يَاأَيُّهَا الْكَافِرُونَ *لاَ أَعْبُدُ مَا تَعْبُدُونَ *} (?) إِلَى آخِرِ السُّورَةِ، فَنَصَبُوا لَهُ عِنْدَ ذَلِكَ حَرْبَ (?) الْعَدَاوَةِ، وَرَمَوْهُ بِسِهَامِ الْقَطِيعَةِ، وَصَارَ أَهْلُ السلم كلهم حرباً (?) عليه (?) وعاد (?) الْوَلِيُّ الْحَمِيمُ عَلَيْهِ كَالْعَذَابِ الْأَلِيمِ (?)، فَأَقْرَبُهُمْ إِلَيْهِ (?) نَسَبًا كَانَ أَبْعَدَ النَّاسِ عَنْ مُوَالَاتِهِ، كَأَبِي جَهْلٍ وَغَيْرِهِ، وَأَلْصَقُهُمْ بِهِ رَحِمًا، كَانُوا (?) أَقْسَى قُلُوبًا عَلَيْهِ، فَأَيُّ غُرْبَةٍ تُوَازِي هَذِهِ الْغُرْبَةَ؟ وَمَعَ ذَلِكَ فَلَمْ يَكِلْه اللَّهُ إِلَى نَفْسِهِ، وَلَا سَلَّطَهُمْ عَلَى النَّيْلِ مِنْ أَذَاهُ، إِلَّا (?) نيل المضعوفين (?)، بَلْ حَفِظَهُ وَعَصَمَهُ، وَتَوَلَّاهُ بِالرِّعَايَةِ وَالْكِلَاءَةِ، حَتَّى بَلَّغَ رِسَالَةَ رَبِّهِ.
ثُمَّ مَا زَالَتِ الشَّرِيعَةُ فِي أَثْنَاءِ نُزُولِهَا، وَعَلَى تَوَالِي تَقْرِيرِهَا، تُبْعِدُ بَيْنَ (?) أَهْلِهَا وَبَيْنَ غَيْرِهِمْ (?)، وَتَضَعُ الْحُدُودَ بَيْنَ حقّها وبين ما ابتدعوا، لكن (?) عَلَى وَجْهٍ مِنَ الْحِكْمَةِ عَجِيبٍ (?)، وَهُوَ التَّأْلِيفُ بَيْنَ أَحْكَامِهَا وَبَيْنَ أَكَابِرِهِمْ فِي أَصْلِ الدِّينِ الأوّل والأصيل، ففي العرب نسبتهم (?) إلى أبيهم