وقال تعالى: {يَا أَيُّهَا النَّاسُ ضُرِبَ مَثَلٌ فَاسْتَمِعُوا لَهُ} (?)، فَالْمُرَادُ بِالنَّاسِ هُنَا الَّذِينَ اتَّخَذُوا مَنْ دُونِ اللَّهِ إِلَهًا، دُونَ الْأَطْفَالِ وَالْمَجَانِينِ وَالْمُؤْمِنِينَ.
/وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلْهُمْ عَنِ الْقَرْيَةِ الَّتِي كَانَتْ حَاضِرَةَ الْبَحْرِ} (?)، فَظَاهِرُ السُّؤَالِ عَنِ/ الْقَرْيَةِ نَفْسِهَا، وَسِيَاقُ قَوْلِهِ تعالى: {إِذْ يَعْدُونَ فِي السَّبْتِ} إِلَى آخِرِ الْآيَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ أَهْلُهَا لِأَنَّ الْقَرْيَةَ لَا تَعْدُو وَلَا تَفْسُقُ.
وَكَذَلِكَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {وَكَمْ قَصَمْنَا مِنْ قَرْيَةٍ كَانَتْ ظَالِمَةً} (?) الْآيَةَ، فَإِنَّهُ لَمَّا قَالَ: {كَانَتْ ظَالِمَةً} دَلَّ (عَلَى) (?) أَنَّ الْمُرَادَ أَهْلُهَا.
وَقَالَ تَعَالَى: {وَاسْأَلِ الْقَرْيَةَ الَّتِي كُنَّا فِيهَا} (?) الْآيَةَ، فَالْمَعْنَى بيَّن أَنَّ الْمُرَادَ أَهْلُ الْقَرْيَةِ، وَلَا يَخْتَلِفُ أَهْلُ الْعِلْمِ بِاللِّسَانِ فِي ذَلِكَ، لِأَنَّ الْقَرْيَةَ وَالْعِيرَ لَا يُخْبِرَانِ بِصِدْقِهِمْ.
هَذَا كُلُّهُ مَعْنَى تَقْرِيرِ/ الشَّافِعِيِّ رَحِمَهُ اللَّهُ (?) فِي هَذِهِ التَّصَرُّفَاتِ الثَّابِتَةِ لِلْعَرَبِ، وَهُوَ بِالْجُمْلَةِ مبيِّن أَنَّ الْقُرْآنَ لَا يُفْهَمُ إِلَّا عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا أَتَى الشَّافِعِيُّ بِالنَّوْعِ الْأَغْمَضِ مِنْ طَرَائِقِ الْعَرَبِ، لِأَنَّ سَائِرَ أَنْوَاعِ التَّصَرُّفَاتِ الْعَرَبِيَّةِ قَدْ بَسَطَهَا أَهْلُهَا، وَهُمْ أَهْلُ النَّحْوِ وَالتَّصْرِيفِ، وَأَهْلُ الْمَعَانِي وَالْبَيَانِ، وَأَهْلُ الِاشْتِقَاقِ وَشَرْحِ مُفْرَدَاتِ اللُّغَةِ، وَأَهْلُ الأخبار المنقولة عن العرب (المبينة) (?) لِمُقْتَضَيَاتِ الْأَحْوَالِ، فَجَمِيعُهُ نَزَلَ (بِهِ) (?) الْقُرْآنُ، وَلِذَلِكَ أطلق عليه عبارة (العربي).