لا يرتفع، مع ما يعضده من (الجواب) (?) الَّذِي فَرَغْنَا مِنْ بَيَانِهِ، وَهُوَ حَدِيثُ الْفِرَقِ، إِذِ الْآيَةُ لَا تُشْعِرُ بِخُصُوصِ مَوَاضِعِ الْخِلَافِ، لِإِمْكَانِ أَنْ يَبْقَى الْخِلَافُ فِي الْأَدْيَانِ دُونَ دِينِ الْإِسْلَامِ، لَكِنَّ الْحَدِيثَ بَيَّنَ أَنَّهُ وَاقِعٌ فِي الْأُمَّةِ أَيْضًا، فَانْتَظَمَتْهُ الْآيَةُ بِلَا إِشْكَالٍ.
فَإِذَا تَقَرَّرَ هَذَا ظَهَرَ بِهِ أَنَّ التَّعْيِينَ للفرقة الناجية بالنسبة (إلينا) (?) اجْتِهَادِيٌّ لَا/ يَنْقَطِعُ الْخِلَافُ فِيهِ، وَإِنِ ادُّعِيَ فِيهِ الْقَطْعُ دُونَ الظَّنِّ فَهُوَ نَظَرِيٌّ لَا ضَرُورِيٌّ، وَلَكُنَّا مَعَ ذَلِكَ نَسْلُكُ فِي الْمَسْأَلَةِ ـ بحول الله تعالى ـ مسلكاً وسطاً يذعن إلى قبوله (عقل) (?) (المنصف) (?) ويقر بصحته الْعَالِمُ/ بِكُلِّيَّاتِ الشَّرِيعَةِ وَجُزْئِيَّاتِهَا، وَاللَّهُ الْمُوَفِّقُ (لِلصَّوَابِ) (?).
فنقول:/ لا بد مِنْ تَقْدِيمِ مُقَدِّمَةٍ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمَطْلُوبِ، وذلك أن الإحداث في الشريعة يقع إما مِنْ جِهَةِ الْجَهْلِ وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ تَحْسِينِ/ الظَّنِّ (بِالْعَقْلِ) (?)، وَإِمَّا مِنْ جِهَةِ اتِّبَاعِ الْهَوَى فِي طَلَبِ الْحَقِّ وَهَذَا الْحَصْرُ بِحَسَبِ الِاسْتِقْرَاءِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ، وَقَدْ مَرَّ فِي ذَلِكَ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ/ شَوَاهِدُ الْمَسْأَلَةِ، إِلَّا أَنَّ الجهات الثلاث قد تنفرد وقد تجتمع، (وإذا) (?) اجْتَمَعَتْ فَتَارَةً تَجْتَمِعُ مِنْهَا (اثْنَتَانِ) (?) وَتَارَةً تَجْتَمِعُ (الثَّلَاثُ) (?) فَأَمَّا جِهَةُ الْجَهْلِ فَتَارَةً تَتَعَلَّقُ بِالْأَدَوَاتِ الَّتِي بِهَا تُفْهَمُ الْمَقَاصِدُ، وَتَارَةً تَتَعَلَّقُ بِالْمَقَاصِدِ، وأما جهة تحسين الظن (بالعقل) (?) فَتَارَةً يُشْرَكُ فِي التَّشْرِيعِ مَعَ الشَّرْعِ، وَتَارَةً يُقَدَّمُ عَلَيْهِ، وَهَذَانَ النَّوْعَانِ يَرْجِعَانِ إِلَى نَوْعٍ وَاحِدٍ، وَأَمَّا جِهَةُ اتِّبَاعِ الْهَوَى، فَمِنْ شَأْنِهِ أن يغلب الفهم حتى (يغالب) (?) صاحبه الأدلة أو يستند إلى غير/