أَعْمَتْ بَصَرَهُ وأصمَّت سَمْعَهُ وَاسْتَوْلَتْ عَلَى كُلِّيَّتِهِ، وَهِيَ غَايَةُ الْمَحَبَّةِ، وَمَنْ أَحَبَّ شَيْئًا (مِنْ) (?) هَذَا النَّوْعِ مِنَ الْمَحَبَّةِ وَالَى بِسَبَبِهِ وَعَادَى، وَلَمْ يُبَالِ بِمَا لَقِيَ فِي طَرِيقِهِ، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ ذَلِكَ الْمَبْلَغَ، فَإِنَّمَا هِيَ عِنْدَهُ بِمَنْزِلَةِ مَسْأَلَةٍ عِلْمِيَّةٍ حصَّلها، وَنُكْتَةٍ اهْتَدَى إِلَيْهَا، فَهِيَ مدَّخرة فِي خِزَانَةِ حِفْظِهِ يَحْكُمُ بها على من وافق أو خالف، لَكِنْ بِحَيْثُ يَقْدِرُ عَلَى إِمْسَاكِ نَفْسِهِ عَنِ الإظهار مخافة (النكال) (?) / أو القيام عَلَيْهِ بِأَنْوَاعِ الْإِضْرَارِ، وَمَعْلُومٌ أَنَّ كُلَّ مَنْ دَاهَنَ عَلَى نَفْسِهِ فِي شَيْءٍ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى إِظْهَارِهِ لَمْ يَبْلُغْ مِنْهُ ذَلِكَ الشَّيْءُ مَبْلَغَ الِاسْتِيلَاءِ، فَكَذَلِكَ الْبِدْعَةُ إِذَا اسْتَخْفَى بِهَا صَاحِبُهَا.
وَإِمَّا أَنْ يُقَالَ: إِنَّ مَنْ أُشربها نَاصِبٌ عَلَيْهَا/// بِالدَّعْوَةِ (الْمُقْتَرِنَةِ بِالْخُرُوجِ عَنِ) (?) الْجَمَاعَةِ وَالسَّوَادِ الْأَعْظَمِ، وَهِيَ الْخَاصِّيَّةُ الَّتِي ظَهَرَتْ فِي الْخَوَارِجِ وَسَائِرِ/ مَنْ كَانَ عَلَى رَأْيِهِمْ.
وَمِثْلُ مَا حَكَى ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي الْعَوَاصِمِ قَالَ: أَخْبَرَنِي جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ السُّنَّةِ (?) بِمَدِينَةِ السَّلَامِ: أَنَّهُ وَرَدَ بِهَا الْأُسْتَاذُ أَبُو الْقَاسِمِ عَبْدُ الكريم بن هوازن الْقُشَيْرِيُّ (?) الصُّوفِيُّ مِنْ (نَيْسَابُورَ) (?) فَعَقَدَ مَجْلِسًا لِلذِّكْرِ، وحضر فيه