إِلَّا أَنَّ هَذِهِ الْخَاصِّيَّةَ رَاجِعَةٌ فِي الْمَعْرِفَةِ بِهَا إِلَى كُلِّ أَحَدٍ فِي خَاصَّةِ نَفْسِهِ، لِأَنَّ اتِّبَاعَ الْهَوَى أَمْرٌ (بَاطِنِيٌّ) (?) فَلَا يَعْرِفُهُ غَيْرُ صَاحِبِهِ إِذَا لَمْ يُغَالِطْ نَفْسَهُ، إِلَّا/ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهَا دَلِيلٌ خَارِجِيٌّ.
وَقَدْ مَرَّ أَنَّ أَصْلَ حُدُوثِ الْفِرَقِ إِنَّمَا هُوَ الْجَهْلُ بِمَوَاقِعِ السُّنَّةِ، وَهُوَ الَّذِي نَبَّهَ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ بقوله: "اتخذ الناس رؤساء جهالاً" (?) فكل (واحد) (?) عَالِمٌ بِنَفْسِهِ هَلْ بَلَغَ فِي الْعِلْمِ مَبْلَغَ الْمُفْتِينَ أَمْ لَا؟ وَعَالِمٌ (إِذَا) (?) رَاجَعَ النَّظَرَ فِيمَا سُئِلَ عَنْهُ: هَلْ هُوَ قَائِلٌ بِعِلْمٍ وَاضِحٍ مِنْ غَيْرِ إِشْكَالٍ أَمْ بِغَيْرِ عِلْمٍ؟ أَمْ هُوَ عَلَى شَكٍّ فِيهِ؟ وَالْعَالِمُ إِذَا لَمْ يَشْهَدْ لَهُ الْعُلَمَاءُ فَهُوَ فِي الْحُكْمِ بَاقٍ عَلَى الْأَصْلِ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ حَتَّى يَشْهَدَ فِيهِ غَيْرُهُ وَيَعْلَمَ (هُوَ) (?) مِنْ نَفْسِهِ مَا شَهِدَ لَهُ/ بِهِ، وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ عَدَمِ الْعِلْمِ أَوْ عَلَى شَكٍّ، فَاخْتِيَارُ الْإِقْدَامِ فِي هَاتَيْنِ الْحَالَتَيْنِ عَلَى الْإِحْجَامِ لَا يَكُونُ إِلَّا بِاتِّبَاعِ الْهَوَى. إِذْ كَانَ يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَسْتَفْتِيَ فِي نَفْسِهِ غَيْرَهُ ولم يفعل، (وكان) (?) (حَقِّهِ) (?) أَنْ لَا يُقَدَّمَ إِلَّا أَنْ يُقَدِّمَهُ غيره، ولم يفعل (هذا) (?).
(وقد) (?) قال العقلاء: إن رَأْيُ الْمُسْتَشَارِ أَنْفَعُ لِأَنَّهُ بَرِيءٌ مِنَ الْهَوَى، بِخِلَافِ مَنْ لَمْ يُسْتَشَرْ فَإِنَّهُ غَيْرُ بَرِيءٍ، ولا سيما في الدخول في المناصب العلية والرتب (الشريفة كمرتبة) (?) الْعِلْمِ.
/فَهَذَا أُنْمُوذَجٌ (يُنَبِّهُ) (?) صَاحِبَ الْهَوَى فِي هَوَاهُ وَيَضْبِطُهُ إِلَى أَصْلٍ يَعْرِفُ بِهِ، هَلْ هو في تصدره (لفتيا) (?) النَّاسِ مُتَّبِعٌ لِلْهَوَى، أَمْ هُوَ مُتَّبِعٌ لِلشَّرْعِ؟