الصَّحِيحِ عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ/ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ: "إِنَّ اللَّهَ يَرْضَى لَكُمْ ثَلَاثًا وَيَكْرَهُ لَكُمْ ثَلَاثًا، فَيَرْضَى لَكُمْ أَنْ تَعْبُدُوهُ وَلَا تُشْرِكُوا بِهِ شَيْئًا، وَأَنْ تَعْتَصِمُوا بِحَبْلِ اللَّهِ جميعاً ولا تفرقوا ... (الْحَدِيثِ) (?) " (?).
وَهَذَا التَّفْرِيقُ ـ كَمَا تَقَدَّمَ ـ إِنَّمَا هُوَ الَّذِي يُصَيِّرُ الْفِرْقَةَ الْوَاحِدَةَ فِرَقًا وَالشِّيعَةَ (الْوَاحِدَةَ) (?) شِيَعًا.
قَالَ بَعْضُ الْعُلَمَاءِ: صَارُوا فِرَقًا لِاتِّبَاعِ أهوائهم، وبمفارقة الدين/ تشتتت أَهْوَاؤُهُمْ فَافْتَرَقُوا، وَهُوَ قَوْلُهُ تَعَالَى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} ـ ثُمَّ بَرَّأَهُ اللَّهُ مِنْهُمْ بِقَوْلِهِ ـ: {لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (?)، وَهُمْ أَصْحَابُ الْبِدَعِ وَأَصْحَابُ الضَّلَالَاتِ، وَالْكَلَامُ فِيمَا لَمْ يَأْذَنِ اللَّهُ فِيهِ وَلَا رَسُولُهُ.
قَالَ: وَوَجَدْنَا أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ مِنْ بَعْدِهِ قَدِ اخْتَلَفُوا فِي أَحْكَامِ الدِّينِ وَلَمْ (يَتَفَرَّقُوا) (?) وَلَا صَارُوا شِيَعًا لِأَنَّهُمْ لَمْ يُفَارِقُوا الدِّينَ، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِيمَا أُذِنَ لَهُمْ مِنِ (اجْتِهَادِ الرَّأْيِ) (?)، وَالِاسْتِنْبَاطِ مِنَ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ فِيمَا لَمْ يَجِدُوا/ فِيهِ نَصًّا (وَاخْتَلَفَتْ) (?) فِي ذَلِكَ أَقْوَالُهُمْ فَصَارُوا مَحْمُودِينَ، لِأَنَّهُمُ اجْتَهَدُوا فِيمَا أُمِرُوا بِهِ كَاخْتِلَافِ أَبِي بَكْرٍ وَعُمَرَ وَعَلِيٍّ وَزَيْدٍ فِي الْجَدِّ مَعَ الْأُمِّ/ وَقَوْلِ عُمَرَ وَعَلِيٍّ فِي أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ، وَخِلَافِهِمْ فِي الْفَرِيضَةِ الْمُشْتَرَكَةِ وَخِلَافِهِمْ فِي الطَّلَاقِ قَبْلَ النِّكَاحِ، وفي البيوع وغير ذلك، (مما) (?) اخْتَلَفُوا فِيهِ وَكَانُوا مَعَ هَذَا أَهْلَ مَوَدَّةٍ وتناصح، وأخوة الإسلام فيما بينهم