وَهُوَ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ افْتِرَاقًا عَلَى مَا يُعْطِيهِ مُقْتَضَى اللَّفْظِ، وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَعَ زِيَادَةِ قَيْدٍ لَا يَقْتَضِيهِ اللَّفْظُ بِإِطْلَاقِهِ وَلَكِنْ يحتمله، كما كان لفظ الرقبة (يشعر) (?) بمطلقها ولا يُشْعِرُ بِكَوْنِهَا مُؤْمِنَةً أَوْ غَيْرَ مُؤْمِنَةٍ، لَكِنَّ اللَّفْظَ يَقْبَلُهُ فَلَا يَصِحُّ أَنْ يُرَادَ مُطْلَقُ الافتراق، بحيث يطلق صور (هذا) (?) الِاخْتِلَافِ عَلَى مَعْنًى وَاحِدٍ، لِأَنَّهُ يَلْزَمُ أَنْ يَكُونَ (الْمُخْتَلِفُونَ) (?) فِي مَسَائِلِ الْفُرُوعِ دَاخِلِينَ تَحْتَ إِطْلَاقِ اللَّفْظِ، وَذَلِكَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ، فَإِنَّ الْخِلَافَ (من زَمَانِ) (?) الصَّحَابَةِ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ إِلَى الْآنِ وَاقِعٌ فِي الْمَسَائِلِ الِاجْتِهَادِيَّةِ، وَأَوَّلُ مَا وَقَعَ الْخِلَافُ فِي زَمَانِ الْخُلَفَاءِ الرَّاشِدِينَ الْمَهْدِيِّينَ، ثُمَّ في سائر/ الصحابة، ثم في التَّابِعِينَ وَلَمْ يَعِبْ أَحَدٌ ذَلِكَ مِنْهُمْ، وَبِالصَّحَابَةِ اقتدى من بعدهم في (تسويغ) (?) الخلاف، فكيف يمكن أَنْ يَكُونَ الِافْتِرَاقُ فِي الْمَذَاهِبِ مِمَّا يَقْتَضِيهِ (إطلاق) (?) الْحَدِيثُ؟ وَإِنَّمَا/ يُرَادُ افْتِرَاقٌ/ مُقَيَّدٌ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ فِي الْحَدِيثِ نَصٌّ عَلَيْهِ، فَفِي الْآيَاتِ ما يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ تَعَالَى: ({وَلاَ تَكُونُوا مِنَ الْمُشْرِكِينَ *مِنَ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا} (?)، وقوله تعالى: {إِنَّ الَّذِينَ فَرَّقُوا دِينَهُمْ وَكَانُوا شِيَعًا (?) لَسْتَ مِنْهُمْ فِي شَيْءٍ} (?)، وما أشبه ذلك من/ الْآيَاتِ الدَّالَّةَ عَلَى التَّفَرُّقِ الَّذِي صَارُوا بِهِ شِيَعًا، وَمَعْنَى: صَارُوا شِيَعًا؛ أَيْ جَمَاعَاتٍ بَعْضُهُمْ قَدْ فَارَقَ الْبَعْضَ، لَيْسُوا عَلَى تَآلُفٍ (وَلَا تَعَاضُدٍ وَلَا تَنَاصُرٍ) (?)، بَلْ عَلَى ضِدِّ ذَلِكَ، فَإِنَّ الْإِسْلَامَ وَاحِدٌ وَأَمْرُهُ وَاحِدٌ، فَاقْتَضَى أَنْ يَكُونَ حُكْمُهُ عَلَى الِائْتِلَافِ التَّامِّ لَا عَلَى الِاخْتِلَافِ.

وَهَذِهِ الْفِرْقَةُ مُشْعِرَةٌ بِتَفَرُّقِ الْقُلُوبِ الْمُشْعِرِ بالعداوة والبغضاء، ولذلك

طور بواسطة نورين ميديا © 2015