وَقَالَ (الْفِرْيَابِيُّ) (?): كَانَ سُفْيَانُ الثَّوْرِيُّ إِذَا رَأَى هَؤُلَاءِ النَّبْطَ يَكْتُبُونَ الْعِلْمَ تَغَيَّرَ وَجْهُهُ، فَقُلْتُ: يَا أَبَا عَبْدِ اللَّهِ أَرَاكَ إِذَا رَأَيْتَ هؤلاء يكتبون العلم يشتد/ عليك، فقال: كَانَ الْعِلْمُ فِي الْعَرَبِ وَفِي سَادَاتِ النَّاسِ، وَإِذَا خَرَجَ عَنْهُمْ وَصَارَ إِلَى هَؤُلَاءِ النَّبْطِ وَالسَّفَلَةِ غُيِّر الدِّينُ (?).

وَهَذِهِ الْآثَارُ أَيْضًا إِذَا حملت على التأويل المتقدم (استدت) (?) وَاسْتَقَامَتْ، لِأَنَّ ظَوَاهِرَهَا مُشَكَّلَةٌ، وَلَعَلَّكَ إِذَا اسْتَقْرَيْتَ/ أَهْلَ الْبِدَعِ مِنَ الْمُتَكَلِّمِينَ أَوْ أَكْثَرَهُمْ وَجَدْتَهُمْ من أبناء سبايا الأمم، (وممن) (?) / لَيْسَ لَهُ أَصَالَةٌ فِي اللِّسَانِ الْعَرَبِيِّ، فَعَمَّا قَرِيبٍ يُفْهَمُ كِتَابُ اللَّهِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِهِ، كَمَا أَنَّ مَنْ لَمْ يَتَفَقَّهْ فِي مَقَاصِدِ الشريعة فهمها على غير وجهها.

/وَالثَّانِي مِنْ أَسْبَابِ الْخِلَافِ: اتِّبَاعُ الْهَوَى، وَلِذَلِكَ سُمِّيَ أَهْلُ الْبِدَعِ أَهْلَ الْأَهْوَاءِ، لِأَنَّهُمُ اتَّبَعُوا أَهْوَاءَهُمْ فَلَمْ يَأْخُذُوا الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَأْخَذَ الِافْتِقَارِ إِلَيْهَا، وَالتَّعْوِيلِ عَلَيْهَا، حَتَّى يَصْدُرُوا عَنْهَا، بَلْ قَدَّمُوا أَهْوَاءَهُمْ، وَاعْتَمَدُوا عَلَى آرَائِهِمْ، ثُمَّ جَعَلُوا الْأَدِلَّةَ الشَّرْعِيَّةَ مَنْظُورًا فِيهَا مِنْ وَرَاءِ ذَلِكَ، وَأَكْثَرُ هَؤُلَاءِ (هُمْ) (?) أَهْلُ التَّحْسِينِ وَالتَّقْبِيحِ، وَمِنْ مال (إلى جانبهم من) (?) الْفَلَاسِفَةِ وَغَيْرِهِمْ.

وَيَدْخُلُ فِي غِمَارِهِمْ مَنْ كَانَ منهم (يغشى) (?) السَّلَاطِينَ لِنَيْلِ مَا عِنْدَهُمْ، أَوْ طَلَبًا لِلرِّيَاسَةِ، فَلَا بُدَّ أَنْ يَمِيلَ مَعَ النَّاسِ بِهَوَاهُمْ، وَيَتَأَوَّلَ عَلَيْهِمْ فِيمَا أَرَادُوا، حَسْبَمَا ذَكَرَهُ الْعُلَمَاءُ ونقله الثقات من مصاحبي السلاطين.

طور بواسطة نورين ميديا © 2015